- علوم الناس كلها ينبغي أن تدور في فلك كتاب الله تعالى تطلبا لتعقله،وتوسلا لتدبره، واستدرارا لهداه وعلمه
- المؤتمر الحالي محاولة لإحياء هذه المنطلقات، بالنسبة لمختلف التخصصات
علوم الناس كلها ينبغي لها أن تدور في فلك كتاب الله تعالى تطلبا لتعقله، وتوسلا لتدبره، واستدرارا لهداه وعلمه؛ وحينئذ يكون حامل العلم عالما فعلا، ويكون علمه حجة ورحمة، ويكون بعلمه منتفعا راشدا، وللخلق نافعا مرشدا.
وفرق كبير بين صلب العلم وملحه -كما قرره الشاطبي رحمه الله، أوضح تقرير، وحرره بأجلى تحرير- فلا ينبغي أن نعامل ما هو من ملح على أنه من صلبه، ولا من هو من صلب العلم على أنه من ملحه…
والقرآن الكريم قد ضبطت مفرداته بتراكيبه، وضبط بعضه بكله، وكله ببعضه، ولذلك فإن لمفرداته من الدقة في أداء ما استعملت لأجله ما ليس في مقدور مخلوق، وهو ما كان مقدرا عند علماء المسلمين على اختلاف تخصصاتهم، وهو ما استناروا به حتى في وضع مصطلحاتهم.
وقد أحدث تنزل القرآن في لغة العرب مفردات وتراكيب نقلة نوعية، عكف من جرائها علماء المسلمين لغويين ومحدثين وأصوليين ومؤرخين وأطباء ومهندسين كما عكف غيرهم على استنباط درره، والإبحار في لججه، وأسسوا لنا من جراء ذلك هذه الحضارة بعلومها، ومعالمها، وأعلامها.
وقد أتى على المسلمين حين من الدهر، بل أحيان متطاولة هي قرون الريادة، كان فيها التكوين العلمي ينطلق -قبل الانخراط في أي تخصص من التخصصات- من حفظ القرآن وضبطه، ومن التفقه في الدين واللغة. فكان لذلك كل متخصص في أي علم من العلوم أو شأن من الشؤون مستحضرا لمفردات القرآن، وتراكيبه، وأحكامه، وجميع هديه، ومن موقع العالم -بصفته حاملا لكتاب الله تعالى- يتصرف، ويبحث، ويجتهد، في مختلف العلوم.
وأحسب المؤتمر الحالي محاولة لإحياء هذه المنطلقات، بالنسبة لمختلف التخصصات، ولا أخال ذلك إلا من الرشد والترشيد للعلم والتعلم والبحث.
كلمة الدكتور آمال جلال
رئيس جامعة القرويين بفاس