هل نسوني؟!
تساءل مستغربا وهو يزورهم…
كانوا يتهافتون عليه في الشارع.. يستقبلونه هاشين باشين بالأحضان.. يتنافس في إكرامه أصحاب المطاعم والمقاهي.. يغرقه التجار بهداياهم.. يضج بيته بمنتوجات كبار الفلاحين… يعرض عليه كل السكان خدماتهم.. لم ير أكرم منهم محبة وإنفاقا…
تساءل مرة أخرى: كيف ينسوني بعد كل تلك العِشْرة؟!
لِمَ أجد منهم كل هذه البرودة واللامبالاة؟!
سألهم واحدا واحدا: أنا فلان، هل تذكرونني؟!
صدم حين هزوا ببرودة رؤوسهم بالإيجاب…
سحبه ابنه برفق هامسا:
ـ لا تتعب نفسك أبتاه، لم تكن معاملتهم لك حبا في الله لشخصك -كما كنت تعتقد- بل كان نفاقا.. كانوا يحبونك لمنصبك.. الآن وقد انتقلت وتقاعدت، فإنهم يتجاهلونك تماما، ويمثلون الدور القديم نفسه مع من خلفك في منصبك…!
هز رأسه باكيا ولم يعقب…
مسح الابن دمع أبيه، وقال له وهو يحضنه:
ـ تلقيتُ اليوم أعظم درس يا أبي، حدث هذا في الدنيا الزائلة، فكيف بالآخرة؟!
سأقوم بواجبي ولن أحابي أحدا!
ذة. نبيلة عزوزي