الحلم بالنجومية، والبحث عن الألقاب هو ديدن كل مبدع، مهما كانت موضوعيته وتساميه عن حب الظهور، لأن النجاح في أي عمل يبقى طموح الجميع، وهذا النازع يبقى محمودا إذا لم يتجاوز حدود الضمير الإنساني الذي يحكمنا تجاه هويتنا وأوطاننا… لأنه من غير طموح لا يمكن أن نطور أنفسنا وإبداعنا… لكن حينما نضحي بشرف الإنسان في بلداننا، ونسفه هويتنا ونسخر من حضارتنا إرضاء للغرب الذي هو مصدر هذه الألقاب، نكون قد تخلينا عن آخر قطرة دم في محيانا،،، فكم من حالم بجائزة نوبل أهرق ماء وجهه ودماء شرفه على مذبحة الأكادميين في بلدان الصقيع حتى ينعم بالفخر والإطراء، والنياشين البراقة، فهذا عملاق روايتنا (ن.م): يقول في حق قضية العرب والمسلمين.. فلسطين: في حوار مع مجلة المستقبل الباريسية / عدد 387 بتاريخ 14 يوليوز 1984: «العرب أصحاب هدف.. وقضية… الهدف هو الحضارة، والقضية هي فلسطين… ولكن الذي حدث طوال السنوات الثلاثين الماضية، أي منذ قيام إسرائيل وحتى الآن، أن القضية -أي فلسطين- غلبت على الهدف -أي الحضارة- سأكون صريحا أكثر وأقول: إن القضية ضيعت الهدف»… هكذا إذن ارتأى رائد الرواية العربية وهو الآن في دار البقاء أن القضية الفلسطينية أصبحت حجرة عثرة في طريق تقدمنا… كل هذا حتى يظهر بمظهر العالمية ويتمرد على خصوصيته… حالة أخرى من حالات البؤس الثقافي، وهو ابن فلسطين عاش مأساتها بكل تفاصيلها، إنه صاحب رواية «المتشائل» “إبميل حبيبي” الذي لم يتوان عن تبخيس القضية فما كان إلا أن كرمته دولة الكيان الصهيوني -باعتباره مواطنا إسرائيليا عربيا- بجائزة الدولة في الآداب أواسط التسعينات، ورغم الأصوات المتعالية من قبل العديد من المثقفين العرب والسياسيين الذين طالبوه برفض الجائزة، إلا أنه وقف في وجه الجميع وتقلدها… هذه نماذج من سوق الثقافة، أما في سوق السياسة فيأتي الرئيس السابق أنور السادات كعنوان بارز عن المتاجرة بالقضية الفلسطينية مقابل تلك الجائزة… وفي عالم الفن السابع كم من مخرج عربي جعل من وطنه وكرا للرذيلة وماخورا يعبق بالشذوذ والخمرة، من أجل الحصول على “أوسكار” أو إحدى جوائز المهرجانات السينمائية العالمية… ولكن لا يصح إلا الصحيح.
ذ: أحمد الأشهب