إفريقيا هي ثاني أكبر قارات العالم من حيث المساحة وعدد السكان، تأتي في المرتبة الثانية بعد آسيا. تبلغ مساحتها 30.2 مليون كيلومتر مربع (11.7 مليون ميل مربع).
ويبلغ عدد سكان إفريقيا مليار نسمة، وهي ثاني قارات العالم الأكثر احتواءً على المسلمين بحوالي 581,58 مليون مسلم، يمثلون تقريبا 53% من إجمالي عدد سكان القارة السمراء.
إمكانات كبرى:
تعتبر قارة إفريقيا من أغنى القارات العالمية بمؤهلاتها الطبيعية وقوتها العددية السكانية، وتنوعها الثقافي، وموقعها الاستراتيجي العالمي في التعامل مع قارات العالم كله.
- التنوع المناخي:
فامتدادها من البحر الأبيض المتوسط شمالا إلى جنوب خط الجدي وبموقع بحري من جميع الجهات يجعل مناخها متنوعا بين: المناخ المتوسطي والمداري والاستوائي، كما يجعل مناطقها الساحلية ذات مناخ بحري يتيح لها أنشطة إنسانية اقتصادية مهمة.
- الثروة الحيوانية:
يعطي تعدد المناطق المناخية للقارة غنى في الثروة الحيوانية البرية والبحرية التي تمنح القارة تميزا خاصا في الوفرة والتنوع الغذائيين بين الثروة الحيوانية البرية والبحرية. فعلى سبيل المثال يساعد قطاع الثروة السمكية بتوفير الدخول لحوالي 10 مليون إفريقي يعمل بمهنة صيد الأسماك كما أن قيمة الأسماك التي يتم تصديرها من القارة الأفريقية تصل إلى 2,7 مليار دولار أمريكي. ويمثل إنتاج الأسماك من مصادر المياه العذبة بالقارة حوالي ثلثي إنتاج العالم، كما تحتوي المياه العذبة على حوالي 3000 نوع من الأسماك.
- الثروة المائية والنباتية:
رغم أن كثيرا من أراضي القارة السمراء تعتبر صحاري ومناطق جافة مناخيا إلا أن القارة مع ذلك تستفيد من غطاء نباتي وثروة مائية هائلة في المناطق الاستوائية والساحلية حيث تعتبر القارة من أغنى المناطق العالمية في الثروة النباتية والمائية في الوسط والغرب والشرق والشمال، مما يعد من المؤهلات الحقيقية لسد الخصاص والاستثمار في القطاع الفلاحي الزراعي والحيواني والصناعات الغذائية، فالإنتاج الزراعي يساهم بحوالي 20 – %60 من إجمالي الناتج القومي لكل دولة من دول القارة. وفي المناطق الاستوائية يتم زراعة الأناناس والقهوة والكاكاو والنخيل لاستخراج الزيت منه، أما في مناطق السافانا فيتم إنتاج الفول السوداني والفلفل والبطيخ، وفي مناطق الصحراء تكثر زراعة القطن ونخيل البلح، وفي حوض البحر المتوسط يتم زراعة الزيتون والحمضيات والطماطم وعدد كبير من الخضروات. كل هذا التنوع يتيح فرصا حقيقية وكبيرة للتنمية والتكامل الاقتصادي بين شعوبها ودولها.
- الثروة المعدنية:
تمتلك إفريقيا إلى جانب ثرواتها النباتية والحيوانية ومؤهلاتها الفلاحية ثروة معدنية هائلة كما ونوعا:
ففي مجال البترول والغاز الطبيعي: تملك القارة حوالي 124 مليار برميل من احتياطي النفط، وهو ما يقدر بحوالي %12 من إجمالي احتياطي النفط العالمي، هذا بالإضافة إلى 100 مليار برميل على شواطئ القارة في انتظار أن يتم اكتشافها.
وتتركز الثروة النفطية بالقارة في دول نيجيريا والجزائر ومصر وأنجولا وليبيا والسودان وغينيا الاستوائية والكونغو والجابون وجنوب أفريقيا. ومن مميزات النفط والغاز الطبيعي الإفريقي سهولة استخراجه وتسويقه نتيجة لموقع القارة الاستراتيجى بين قارات العالم.
اليورانيوم: تتميز القارة الإفريقية بكميات كبيرة من عنصر اليورانيوم الهام في الصناعات النووية. وتشارك إفريقيا بأكثر من %18 من إجمالي الإنتاج العالمي لليورانيوم. ويوجد في دول أهمها النيجر، وناميبيا، وجنوب إفريقيا. وتصل احتياطات القارة إلى ثلث إجمالي احتياطات العالم من هذا العنصر الهام.
الذهب: في عام 2008م أنتجت القارة الإفريقية حوالي 483 طنًّا من الذهب، بما يمثل حوالي %25 من إجمالي إنتاج العالم. ونصف إنتاج القارة من الذهب يتم عبر جنوب إفريقيا بالإضافة لدول أخرى، مثل: غانا، وغينيا، ومالي، وتنزانيا. وتمتلك القارة احتياطات من الذهب تقدر بحوالي %50 من إجمالي احتياطات العالم.
الألماس: تتصدر القارة الإفريقية سوق الألماس العالمي؛ حيث تقوم بإنتاج 40% من إجمالي الألماس عبر العالم.
يتركز الألماس في دول بتسوانا وأنجولا وجنوب إفريقيا والكونغو الديمقراطية وناميبيا.
المدهش في الأمر أن العديد من الحروب الأهلية في القارة تم تمويلها باستخدام الألماس الذي تنتجه القارة، حتى إن الألماس الذي يأتي من مناطق الصراعات والحروب يتم إطلاق أسماء عليه مثل: “ألماس الصراعات”، أو “ألماس الدم”.
معادن أخرى: تنتج أفريقيا %80 من إجمالي البلاتين المنتج حول العالم.
كما تنتج %27 من إجمالي كمية الكوبالت المنتجة حول العالم.
وبالنسبة للحديد فتقوم القارة بإنتاج ما نسبته %9 من إجمالي إنتاج الحديد حول العالم.
ويتراوح احتياطي القارة من الحديد والمنجنيز والفوسفات واليورانيوم من 15 – %30 من إجمالي الاحتياطي العالمي لهذه المعادن.
كما يعتقد أن القارة تمتلك احتياطات تقدر بحوالي %90 للكوبالت، و%90 للبلاتين، و%95 للكروم، و%64 للمنجنيز.
وبناء على هذه الأهمية الاستراتيجية للثروة المعدنية فإن كثيرا من الخبراء يرون أن القارة الأفريقية ستكون المورد الأساسي للصناعة في العالم مستقبلا، وأن كل دول وقارات العالم التي تعانى من شح ونضوب تدريجي في مواردها المعدنية حاليا، ستعتمد في المستقبل على ما تنتجه أفريقيا من معادن إذا ما أرادت لعجلة حركتها الصناعية والاقتصادية أن تدور وتستمر.
تحديات كبرى:
على الرغم من الأهمية الكبيرة لما تمتلكه إفريقيا من الثروات بمختلف أنواعها البشرية والنباتية والحيوانية والمعدنية فيلاحظ الخبراء أنها لا تستفيد منها بشكل كافٍ، ولذلك تعد إفريقيا القارة الأكثر تخبطا في المشاكل الاجتماعية والتنمية، ومن أبرز التحديات والمعضلات:
الصراعات والحروب والنزاعات على الحدود والحروب الأهلية وغياب الاستقرار: وذلك بسبب التركة الاستعمارية وبسبب الصراع العرقي وغياب العدالة الاجتماعية والمناخ السياسي غير العادل، وبسبب وجود أنظمة حكم عسكرية أو قبلية. وقد كانت هذه الحروب والنزاعات سببا في عقد كثير من القمم الإفريقية.
أعباء الديون الثقيلة: إذ ارتفع المقدار الكلى للديون من 109.2 بلايين دولار أمريكي في
عام 1980 إلى 350 بليون دولار أمريكي عام
1999 .
بطء التنمية وضعفها: تعاني القارة من ضعف التنمية وضعف استثمار ثرواتها الفلاحية والزراعية والإمكانات الطبيعية، مما يجعلها تعيش تناقضا مزمنا بين الغنى الطبيعي والفقر الاجتماعي والهشاشة الاقتصادية، وإذا كانت أفريقيا من أغنى القارات من حيث الموارد فهي من أفقرها من حيث الاستثمار.
آفاق الشراكة والتعاون المغربي الإفريقي:
تعتبر القارة الإفريقية العمق الطبيعي للمغرب جغرافيا وتاريخيا وثقافيا واقتصاديا، وتربط المغرب بالقارة روابط تاريخية عميقة وصلات دينية وسياسية لم تنقطع عبر الزمان، وظل المغرب قبلة من الناحية العلمية ومعبرا تجاريا مهما نحو أوروبا، خاصة مع دول غرب إفريقيا والسودان.
وفي المرحلة المعاصرة اشترك المغرب مع القارة الإفريقية كثيرا من الهموم السياسية والاجتماعية خاصة في مرحلة الاستعمار والنضال من أجل الاستقلال والخروج من الفقر والتخلف كما ساهم المغرب كثيرا في الاستقرار السياسي في كثير من البلدان التي تعرف حروبا أهلية ونزاعات (ست دول).
ورغم الغياب عن مؤسسة منظمة الوحدة الإفريقية من قبل والاتحاد الإفريقي بعد ذلك إلا أن المغرب ظل بلدا إفريقيا بامتياز وصديقا حميما لكل الأفارقة أفرادا وشعوبا ودولا. والمغرب مؤهل اليوم أكثر من أي وقت مضى لأداء أدوار كبيرة في مجال التنمية الاقتصادية والشراكة جنوب جنوب.
وفي المجال الثقافي والديني يملك مقومات التعاون المثمر؛ لأن إفريقيا بقدر حاجتها إلى التنمية الاقتصادية هي بحاجة أكثر إلى التنمية البشرية والتعاون الثقافي والديني للخروج من أزمات الصراع والتطرف والجهل والفقر وغياب الاستقرار الاجتماعي والسياسي. كما أن الحاجة داعية أكثر مما سبق إلى ربط إفريقيا بعمقها العربي الإسلامي إذ أغلب سكان إفريقيا مسلمون كما أن معظم دولها قديما وحديثا تربطها بالعالم العربي والإسلامي علاقات حسن جوار وتبادل اقتصادي، وتاريخ ذو هموم مشتركة في المرحلة الاستعمارية وما بعدها.
ويعتبر المغرب اليوم -بما راكمه من تجربة تاريخية فكريا ودينيا واجتماعيا واقتصاديا- قادرا على القيام بأدوار طلائعية في هذا الربط القاري وإحياء العلاقات الإفريقية العربية والإسلامية في جو من التعاون والتسامح والتشارك وتبادل التجارب والخبرات.
وإن عودة المغرب إلى العمل المؤسسي الإفريقي من داخل الاتحاد سيفتح آفاقا واسعا لمزيد من الشراكات الاستراتيجية والتعاون والتشارك الإيجابي الذي سيكون له ولا شك آثار إيجابية على مستقبل التنمية في إفريقيا والمغرب معاً.
الطيب بن المختار الوزاني