في أول نشاط لها بعد تأسيسها نظمت “جمعية القاضي عياض للعناية بالقرآن الكريم والسنة النبوية” ندوة علمية في موضوع (منهجية التعامل مع القرآن الكريم) وذلك بقصر البلدية بمدينة القنيطرة يوم 24 دجنبر 2016م.
وترجع أسباب طرق هذا الموضوع حسب رئيس الندوة الدكتور مصطفى قرطاح إلى كون الأمة الإسلامية إنما ولدت حقيقة مع نزول القرآن الكريم الذي حدد لهذه الأمة بوصلتها واستنفر طاقاتها إلى أن أخرجها أمة عزيزة. وقد جاءت مداخلات الندوة كالآتي:
1 – المدخل المقاصدي في التعامل مع القرآن الكريم: (الدكتور عبد النور بزا).
ذكر الدكتور بزا في مستهل مداخلته أن القرآن الكريم باعتباره كتابا متضمنا لكل الحقائق الكبرى التي تشغل الإنسان قد تعامل معه علماء الأمة وخاصة أهل المقاصد باعتباره كتابا جاء ليمدنا بمنهج شامل متكامل لحياتنا الخاصة والعامة، الدنيوية والأخروية. وقد اقترح الدكتور منهجا مقاصديا للتعامل مع القرآن يتضمن خمس مواصفات هي:
أ- التوسل في معرفة مقاصد القرآن بلغة القرآن الكريم: إذ لا سبيل حسب –قوله- إلى إدراك واستنباط مقاصد القرآن الكريم إلا من خلال كلام العرب، مذكرا بقولة الإمام الشاطبي بأن الناظر في القرآن يجب (أن يسلك في الاستنباط منه والاستدلال به مسلك العرب في تقرير معانيها ومنازعها في أنواع مخاطباتها…).
ب – ربانية المدخل المقاصدي: ومعنى هذا أن المدخل المقاصدي هو الذي اعتمده الله عز وجل في مخاطبة المكلفين، فالله سبحانه وتعالى كما يقول الإمام الشاطبي قد (خاطب الناس في ابتداء التكليف خطاب التعريف بما أنعم عليهم من الطيبات والمصالح التي بثها في الوجود لأجلهم ولحصول منافعهم ومرافقهم التي بها عيشهم وتكمل بها تصرفاتهم).
ج – فطرية المدخل المقاصدي: أي أنه المدخل الملائم لطبيعة الإنسان؛ إذ كل عاقل فإنما يطلب مصلحة نفسه في الدنيا والآخرة سواء تعلقت هذه المصلحة ببدنه أو نفسه أو عرضه….
د – المدخل المقاصدي هو المعبر بحق عن القيم الإنسانية المشتركة العابرة لخصوصيات الأمم والحضارات. فالناس باختلاف مشاربهم ونزعاتهم على امتداد التاريخ إنما كانوا مشغولين حسب قوله بالعمل من أجل حفظ وحماية وتوفير المقاصد الضرورية الإنسانية الكبرى التي لابد منها لقيام العمران واستمرار البشرية، وهي المقاصد المعروفة بالكليات الخمس.
هـ – المدخل المقاصدي هو المدخل العلمي المؤسس على دليل الاستقراء الذي يفيد القطع؛ إذ إن المقاصد ليست مبرهنة بدليل ظني أو جزئي؛ وإنما هي ثابتة بالاستقراء المبني على تتبع كل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
وقد نبه الدكتور بزا في ختام مداخلته إلى أن المقاصد المرداة هنا هي مقاصد الشارع سبحانه وتعالى والتي ليس أمام المكلف إلا موافقتها لا مخالفتها.
2 – منطق اللغة وبناء المعنى في القرآن الكريم: (الدكتور محمد بنينير).
استهل الدكتور مداخلته بإقرار أن الغاية من تنزيل القرآن الكريم هي الهداية مصداقا لقوله تعالى: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم). لكن للاهتداء بالقرآن الكريم لابد من تعلمه وفهمه، وهذا لن يتم دون الإلمام باللغة العربية التي تعتبر من الشروط اللازمة لذلك كما قرره العلماء قديما، ومنهم الإمام الشاطبي وبناء على هذا خلص الدكتور بنينير إلى أن فهم القرآن إنما يكون باللسان العربي الذي نزل به وقد نبه في هذا السياق إلى أن اللغة العربية ليست محصورة كما يتبادر إلى أذهان كثير من الناس في المعاجم وكتب النحو والبلاغة…. بل اللغة حسب قوله تختزن المعنى الذي يختزن بدوره عقل الإنسان، فلكل أمة لغتها وعقلها، ولكل أمة منطقها، والأمة الإسلامية لغتها هي العربية التي تشكل عقلها ومنطقها.
3 – ضوابط التعامل مع الإعجاز العلمي: (الدكتور محمد أوحسين).
ضمن الدكتور كلمته جملة من الضوابط التي يجب الالتزام بها عند التعامل مع الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ومنها:
أ – العلم: إذ لا يليق بالإنسان أن يعلم قبل أن يتعلم أو أن يقول ما لا يعلم.
ب – التفريق بين المعجزة والإعجاز: فالمعجزة هي خرق لقوانين الكون، والإعجاز هو موافقة لقوانين الكون. لكن عنصر الإعجاز يتمثل في السبق العلمي، أي أن هناك -حسب الدكتور أوحسين- حقائق علمية أخبر بها القرآن الكريم، لكن الإنسان لم يتوصل إليها في العصر الحديث.
ج – جمع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية حول الظاهرة العلمية المراد تفسيرها؛ وذلك تفاديا للسقوط في التفسير الجزئي الذي قد يتلبسه الخطأ.
هـ – مراعاة التخصص العلمي؛ وذلك بعدم خوض الإنسان في تخصصات لا يحسنها…
أعد التقرير: محمد منديل