للعلماء مكانة عظيمة ودرجة رفيعة في ديننا الحنيف ويكفيهم فخرا أن الله تعالى مجدهم وأعلى من شأنهم في كتابه العزيز وجعلهم أكثر الناس خشية له سبحانه وتعالى: إنما يخشى الله من عباده العلماء وهو نفس المعنى الذي قصده أحد الصالحين من السلف رضوان الله عليهم أجمعين في قوله: «من كان لله أعرف كان لله أخوف». وكلما ازداد العالم قربا من الله كلما ازداد علما وتوهجا وتبصرا وفراسة واتقوا الله ويعلمكم الله. وكلما تقرب العالم من الله، كلما قربه الله منه ورقاه في درجات الإيمان إلى الإحسان حتى أنه ليصبح عابدا لله كأنه يراه…وهو نفس المعنى الذي قصده رسول الله : «اتقوا فراسة المؤمن فإنه يرى بنور الله…» أما الأمثلة عن هؤلاء العلماء الذين نور الله بصائرهم وفتح عليهم من فيض نعمه، فأكثر من أن تحصى أو تحد… ولنتمم ما بدأناه في المقال السابق.
3 – فتوى ابن عباس: قال الإمام القرطبي رحمه الله: … جاء رجل إلى ابن عباس فقال: ألمن قتل مِؤمنا متعمدا توبة؟ قال: لا، إلا النار.
فلما انصرف الرجل، قال له جلساؤه: ما بهذا كنت تفتينا يا إمام. كنت تفتينا بأن لمن قتل توبة مقبولة. قال ابن عباس: إني لأحسبه رجلا مغضبا يريد أن يقتل مؤمنا.
قال القرطبي: فبعثوا في أثر الرجل السائل فوجدوه كذلك.
4 – ابن سيرين: جاء رجل إلى ابن سيرين ليعبر له رؤيا رآها مفادها أنه رأى نفسه يؤذن. فقال له ابن سيرين: أبشر فإنك سوف تحج قريبا إن شاء الله.
مرت مدة فجاء رجل آخر يطلب تعبير نفس الرؤيا، فقال له ابن سيرين: إنك ستدخل السجن بسبب سرقة… فلما استفسره الحاضرون عن اختلاف تعبيره لنفس الرؤيا قال: رأيت ملامح الصلاح وخير على وجه السائل الأول فأولت له الرؤيا على ضوء قوله تعالى: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق. أما الثاني فقد رأيت في وجهه ملامح سوء وشر فعبرت له الرؤيا على ضوء قوله تعالى: ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون.
ذ: عبد القادر لوكيلي