إن الناظر في تاريخ العلوم الاسلامية يلاحظ اجتماع السلطان والقرآن في أزمنة وأمكنة متعددة. فكان الخليفة أو الأمير أو السلطان يجمع بين التألق العلمي والتدبير السياسي. ومن العلوم التي كان لها حظ الاهتمام من قبل الأمراء: علوم الحديث.
ومن الأمراء الذين اهتموا بالحديث سماعا ورواية في عصر المرابطين نجد:
1 – إبراهيم بن يوسف بن تاشفين:
إبراهيم بن يوسف بن تاشفين بن إبراهيم بن ترقوت بن ورينّطن بن منصور الصنهاجي ثم اللمتوني الأمير، يعرف بابن تاعيشت، اسم أمه، ولي مرسية لأخيه علي بن يوسف أمير المغرب. وفي إمارته بها سمع الحديث من أبي علي الصدفي(1). وبالجملة فهو من بيت جهاد واجتهاد(2).
2 – ميمون بن ياسين:
ميمون بن ياسين الصنهاجي اللمتوني، سكن ألميرية وأصله من صحراء المغرب، يكنى أبا عمر، عني بالرواية وسماع العلم(3) وكانت له رحلة حَجَّ فيها، وسمع بمكة من أبي عبد الله الطبري صحيح مسلم في سنة 497ﻫ، وسمع بها أيضا من أبي مكتوم بن أبي ذر الهروي صحيح البخاري، في أصل أبيه أبي ذر، وابتاعه منه بمال جليل وهو الذي أوصله إلى المغرب(4).
توفي رحمه الله سنة 5 30ﻫ في ذي القعدة بإشبيلية(5).
وقد حدث ميمون بن ياسين بالأندلس فسمع منه الناس بإشبيلية وغيرها وممن حدث عنه(6):
- مفرج بن سعادة، من أهل إشبيلية، يكنى أبا الحسن(7).
- أبو القاسم بن بشكوال، المتوفى سنة 578ﻫ(8).
3 – المنصور بن محمد بن الحاج:
المنصور بن محمد بن الحاج داود بن عمر الصنهاجي اللمتوني، يكنى أبا علي(9)، كان من رؤساء لمتونة وأمرائهم موصوفا بالذكاء والفهم عارفا بالأخبار والسنن والآثار، يصحب العلماء للسماع منهم(10)، وهو فخر لصنهاجة ليس لهم مثله ممن دخل الأندلس(11). كان رحمه الله محدثا حافظا ذكيا فهما حسن الخط(12) جمع من الدواوين والأصول العتيقة ما لم يجمعه أحد من أهل زمانه(13).
قال ابن سفيان: توفي بميورقة فيما بلغنا، في حدود الخمسين وخمسمائة(14).
- شيوخه(15):
- سمع بقرطبة من أبي محمد بن عتاب المتوفى سنة531ﻫ(16).
- وسمع بمرسية من أبي علي الصدفي(17) وغيرهم.
4 – علي بن يوسف بن تاشفين اللمتوني:
علي بن يوسف بن تاشفين بن إبراهيم بن تارقوت اللمتوني، أمه أم ولد رومية اسمها منوا وتسمى بأم الحسن(18). بويع له يوم مات أبوه بمراكش بعهد أبيه، وتسمى بأمير المسلمين وذلك في غرة المحرم من سنة 500ﻫ(19).
ولما ولي علي بن يوسف بعد أبيه اضطلع بالأمور أحسن الاضطلاع، وقام أحمد قيام، وكان يقصد مقاصد العز في طرق المعالي، ويحب الأشراف ويقلد العلماء، ويؤثر الفضلاء، كثير الصدقة عظيم البر، جزيل الصلة، وكان زكيا فقيها، مكرما لأهل العلم، يقلد الأمور الفقهاء(20).
وقد استجاز أبا عبد الله محمد الخولاني جميع رواياته لعلو إسناده فأجازه. وكان دائما يبحث عن العلماء أصحاب السند العالي ليجيزوه(21). توفي رحمه الله تعالى سنة سبع وثلاثين وخمسمائة، وولي بعده ولده تاشفين بولاية منه وعهد له(22)، وكانت وفاته بمراكش(23).
دة. نجاة المديوني
—————
1 – “المعجم”:54، رقم:40 و”الإعلام بمن حل بمراكش وأغمات من الأعلام”:1/147، و”الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية”، لمؤلف أندلسي من القرن الثامن الهجري، حققه: د. سهيل زكار، د. عبد القادر زمامة، الطبعة الأولى: 1399ﻫ، 1979م، دار الرشاد الحديثية، الدار البيضاء:135.
2 - “المعجم”:54، رقم:40.
3 – “التكملة”:196، رقم:530 و”الإعلام بمن حل بمراكش وأغمات من الأعلام”:7/308.
4 – “التكملة”:2/183 و”الإعلام”:7/308.
5 – المصدر نفسه.
6 – المصدر نفسه.
7 – “التكملة”:2/199.
8 – سبقت ترجمته.
9 – “التكملة”:2/193، رقم:516.
10 – “التكملة”:2/ 193-194 و”الإعلام”:7/ 255.
11 – “المعجم”:201، رقم: 173.
12 – “الإعلام”:7/255.
13 – “التكملة”:2/194.
14 – “التكملة”:2/194، و”الإعلام”:7/ 255.
15 – المصدر نفسه.
16 – سبقت ترجمته.
17 – سبقت ترجمته.
18 – “الحلل الموشية”: 84… و”الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس”، تأليف علي بن أبي زرع الفاسي، راجعه: عبد الوهاب بن منصور، مؤرخ المملكة المغربية، الطبعة الثانية: 1420ﻫ 1999م، الطبعة الملكية الرباط، ص:198، و”جذوة الاقتباس”:2/459-460، و”الإعلام”:9/44.
19 – “الإعلام”:9/44.
20 – المصدر نفسه:45.
21 – ندوة الإمام مالك:
22 – “جذوة الاقتباس”:2/460.
23 – “الإعلام”:9/47.