اعتبر المؤرخ الفرنسي غابرييل دو بروي، منسق الأكاديميات الخمس التابعة لـ”معهد فرنسا”، أن العولمة أسهمت في إذابة جدار اللغات التي كان عددها يقارب 6 آلاف؛ “بينما اليوم تختفي لغات العالم بوتيرة لغة واحدة كل شهر.. في وقت ما زالت تتقوى فيه لغات بلدان أخرى بفضل قوتها السياسية والعسكرية والاقتصادية”، وفق تعبيره.
وأوضح دو بروي، خلال مداخلته ضمن ندوة نظمت بالرباط تحت عنوان: “هل تعادل الصورة عشرة آلاف كلمة؟”، عشية يوم الخميس الماضي، أنه مع التطور الحالي الذي جاء بمفهوم “مجتمع المعلومات” تقلّص بشكل عام دور اللغات وخصوصيتها مقابل سطوة لغة الصورة، مستطردا أن الأنترنيت أسهم في انتشار الصورة التي أصبحت لغة عالمية يتكلم بها الجميع، بعد ما باتت لها أدواتها ومعاييرها الخاصة.
وفي رصده لأوجه الاختلاف والتلاقي بين اللغتين العربية والفرنسية، أشار المؤرخ الفرنسي إلى مركزية اللغتين معا والقوة الديمغرافية التي تتوفران عليها من حيث عدد السكان بالعالم الذين ينطقون بها، فضلا عن توسعها خارج نطاق البلدان الأصلية لها بفعل مساهمة موجات الهجرة في ذلك؛ وهو ما يفسر وجودهما ضمن اللغات الرسمية العشر لمنظمة الأمم المتحدة.
وأقر عضو الأكاديمية الفرنسية بضعف تموقع اللغة العربية داخل فرنسا، حيث لا يتعدى عدد الطلبة الذين يدرسونها 1 في المائة، أي ما يعادل 6000 تلميذ وطالب، مقابل حضور كبير للغة الفرنسية بالمغرب ودول شمال إفريقيا والشرق الأوسط عموما، إذ يتعدى عدد الطلاب العرب الذين يدرسون اللغة الفرنسية في بلدانهم ما يناهز 20 في المائة، وفق دو بروي، مضيفا أن حوالي 20 ألف مدرس فرنسي يدرسون بالمستويات الابتدائية والإعدادية، فضلا عن وجود 32 مؤسسة فرنسية بالمغرب.
ولفت المتحدث ذاته الانتباه إلى إشكالية الازدواجية في اللغة التي يستعملها المغاربة؛ وأوضح قائلا: “يدرسون باللغة العربية الفصحى، وفي حياتهم اليومية لا يتحدثون إلا باللغة الدارجة”، على حد تعبيره.