توفي فجر يوم الأحد 29 شعبان 1437 هـ الموافق 5 يونيو 2016 الشيخ العربي الغزال الخطيب الداعية الشهير بمدينة فاس لعقود طويلة، بعد مرض أقعده الفراش، وقد صلى عليه عصرا بمسجد طارق بن زياد بحي واد فاس جمهور غفير من محبيه من العلماء والأساتذة والدعاة والطلبة وعموم الناس ودفن بمقبرة ويسلان في جنازة مهيبة.
والمرحوم من مواليد سنة 1352هـ/1933م بمدشر أولاد أحمد قبيلة بني ورياغل، التي تقع في الجهة الغربية لإقليم تاونات، وينحدر الفقيد من أسرة اشتهرت بالعلم والتدريس والجهاد، فقد كان أبوه رحمه الله تعالى فقيها ومدرسا ومحفظا للقرآن الكريم، كما كان مجاهدا.
مسار حياة:
دخل الكتاب في سن مبكرة حوالي السنة الرابعة من عمره، فحفظ القرآن الكريم وهو ما بين سن التاسعة والعاشرة على يد أبيه، وفقهاء آخرين بمسقط رأسه، منهم الفقيه مولاي أحمد بن المعلم علي، والفقيه سيدي الحسن الدرميكي الورياكلي …
وفي سنة 1362هـ/1944م بدأ رحلته إلى بعض المداشر لحفظ المتون الفقيهة كمنظومة ابن عاشر، ومتن خليل، وتحفة ابن عاصم… والمتون النحوية، كمتن الأجرومية، وألفية بن مالك، ولامية الأفعال… وترسيخ القرآن الكريم حفظا ورسما وأداء، وكذلك حفظ الأنصاص الخاصة بشكل القرآن ورسمه وقراءته.
وقضى شطرا من طفولته وشبابه متنقلا بين مساجد قبيلة الجاية وبني زروال يستكمل حفظ المتون وأصول العلوم ومبادئها على الطريقة التي كانت في زمانه فجمع فنونا عديدة كالحديث والتفسير والقراءات والفقه وأصول الفقه وأصول الدين والفرائض والتصوف.. وعلوم اللغة والنحو والتاريخ والمنطق… الأمر الذي أهل الشيخ العربي إلى أن يصبح فقيها وخطيبا وداعية.
ويذكر في هذا السياق أنه أخذ عن جلة من العلماء والفقهاء منهم:
أبوه الفقيه سيدي محمد بن محمد بن ادريس الغزال الورياكلي الدرداري، والفقيه مولاي أحمد بن المعلم علي، والفقيه سيدي الحسن الدرميكي الورياكلي، والفقيه سيدي الزروالي من مدشر غفساي، والفقيه الريفي، والفقيه سيدي المفضل السلاوي من سكان مدشر غفساي، والأستاذ الفقيه سيدي محمد العلوي وغيرهم كثير.
المهام التي اشتغل بها:
- حوالي 1369هـ/1949م اشتغل إماما بمسجد قرية آيت بقي، أحواز مدينة إيموزار كندر، قبيلة آيت سغروشن، قضى فيه سنتين.
- من 1378هـ/ 1951م إلى سنة 1376هـ/1956م بداية الاستقلال: اشتغل خياطا في الخياطة التقليدية بمدينة فاس.
- في سنة 1376هـ/1956م شارك في مباراة حفظ القرآن الكريم لولوج معهد المقرئين بمدرسة باب المربع في مدينة صفرو، حيث قضى في هذا المعهد ثلاث سنوات، وهي المدة المخصصة للدراسة والتدريب في هذا المعهد بالمدرسة المذكورة،
- سنة 1379هـ/ 1959م: عين بمدرسة أولاد الطيب، طريق إيموزار التابعة لنيابة التربية الوطنية بفاس، ثم انتقل منها بعد سنة إلى مدرسة داخل الثكنة العسكرية بتاونات.
- وفي الموسم الدراسي 1964هـ/1965م انتقل للتدريس بمدرسة باب اريافة بمدينة فاس، ومنها إلى مدرسة الضيعة التي بقي يعمل فيها إلى أن تقاعد نهاية سنة 1993م،
- الخطابة والوعظ والإرشاد: إذ لم يشتغل الشيخ بالتعليم والتدريس فحسب؛ وإنما اشتغل أيضا بالخطابة والوعظ حيث برز فيهما علما وخلقا ومهارة، فقد عرف بفاس خطيبا مفوها وواعظا صادقا كما شارك في الوعظ والإرشاد للجالية المغربية في الخارج ( فرنسا وهولندا وألمانيا).
مشاركته في المقاومة والجهاد لتحرير البلاد من المستعمر:
لقد عاش الفقيد قضية التحرير والجهاد من أجل الاستقلال مع أبناء جيله، وانخرط ضمن حزب الشورى والاستقلال الذي كان يتزعمه محمد بالحسن الوزاني والعلامة عبد الواحد العراقي، وبسبب ذلك تعرض للمضايقات والتعذيب خاصة في منطقته ببني ورياغل حيث كان يجبره القائد العربي الورياكلي، وولده أحمد بن العربي الورياكلي، على ممارسة الأعمال التي كانت تفرض على أبناء القبائل والمداشر.
وبرحيل هذا الشيخ الداعية فقد المغرب واحدا من خيرة أبنائه المخلصين والغيورين على مصالحه، المحبين الخير لأبنائه، فرحم الله تعالى الفقيد رحمة واسعة وأسكنه فسيح جنانه.