في معرض حديث في أحد ملتقيات «مجمع اللغة العربية بدمشق» قال الشيخ أبو الحسن الندوي رحمه الله تعالى، وهو العضو غير العربي بهذا المجمع محملا العرب مسؤولية حماية لغة القرآن الكريم، ومهمة الاستمرار في قيادة الأمة الإسلامية لكونهم هم من نزل فيهم القرآن الكريم بداية «… إن الله تعالى اختاركم أنتم العرب لتكونوا أول من حمل هذا الدين العظيم، بالرغم من أنكم لم تكونوا لحظتها أرقى أمة، واختار لغتكم لتكون لغة كتابه المبين بالرغم من أنها لم تكن أشهر لغة ولا أوسع انتشارا، وذلك لحكمة يعلمها سبحانه، … أيها العرب كونوا لنا نحن الأعاجم خير المعلمين، نكن لكم خير التلامذة…» … إن اللغة العربية تعرف اليوم عدة تحديات، تتمثل أساسا في عدم القدرة على التصدي للمد اللغوي الذي يعبر إلينا عبر كل وسائل الاتصال، ففي الوقت الذي يحتدم فيه الصراع بين الجانب الفرونكوفوني، والجانب الأنجلوساكسوني حول من سيقود ثقافيا وفكريا قاطرة الإنسانية، ويحاول كل منهما أن يجعل من لغته، لغة البحث العلمي والتكنولوجي، نقف نحن بمجمعاتنا وجامعاتنا موقف المتفرج، في انتظار من ستؤول إليه الغلبة، فلا صيحة الغيورين أفادتنا، ولا صرخة شاعر النيل «حافظ إبراهيم» وهو يتحسر على لغة الضاد حركت شيئا من كبريائنا… ونحن في مغرب العروبة والإسلام كنا أكثر المستهدفين من قبل حفنة من العلمانيين والفرونكوفونيين، ففي الوقت الذي تقوم فيه بعض مراكز البحث العلمي في فاس والرباط وغيرها مشكورة ومأجورة بمنتديات للرفع من قيمة اللغة العربية، قصد تأصيلها لتكون في مصاف اللغات القوية، نجد من بيننا من لا يزال يحن للغة المستعمر، ويريد أن يفرضها على أبنائنا من خلال تدريس المواد العلمية بلغة موليير، مع العلم أن الفرنسيين أنفسهم أصبح من بينهم من يقوم بأبحاثه العلمية بلغة شكسبير…
إن هؤلاء الانهزاميين لم تعد لهم، أو بالأحرى لم تكن لهم الجرأة يوما أن يحيدوا عن الطريق التي رسمها لهم عرابوهم من صناع الفكر والسياسة في «عاصمة الأنوار» …
إنها دعوة لكل علماء العربية ونحاتها من أجل رفع التحدي، وإبراز قيمة لغة القرآن لأجيالنا الحالية والقادمة ودورها في ريادة مستقبل الثقافة الإنسانية.
والله الموفق.
ذ: أحمد الأشهب