عن أبي قتادة قال: قال النبي : «الرؤيا الصالحة وفي رواية: الرؤيا الحسنة من الله، والحلم من الشيطان؛ فمن رأى شيئا يكرهه فلينفث عن شماله ثلاثا، وليتعوذ من الشيطان فإنها لا تضره» متفق عليه.
«النفث» نفخ لطيف لا ريق معه.
قال الطيبي في شرح المشكاة: إضافة الرؤيا المحبوبة إلى الله تعالى تشريف، وإضافة المكروهة إلى الشيطان، لأنه يرضاها ويسر بها.
< قوله: «والحلم من الشيطان» قال الطيبي رحمه الله تعالى: غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن، وغلب الحلم على ما يراه من الشر والقبيح، ومنه قوله تعالى: أضغاث أحلام (يوسف:44).
< قوله: «فلينفث عن شماله» قال عياض رحمه الله تعالى: النفث أمر به طردا للشيطان الذي حضر الرؤيا المكروهة تحقيرا له واستقذارا، وخصت به اليسار لأنها محل الأقذار ونحوها. ثم قال: وفائدة التفل التبرك بتلك الرطوبة والهواء، والنفث للمباشر للرقية المقارن للذكر الحسن كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر والأسماء.
< قوله: «وليتعوذ من الشيطان» وقد جاءت كيفية التعوذ بالله من الشيطان الرجيم في الرؤيا، فعن إبراهيم النخعي رحمه الله تعالى قال: «إذا رأى أحدكم في منامه ما يكره فليقل إذا استيقظ : أعوذ بما عاذت به ملائكة الله ورسولُه من شر رؤياي هذه أن يصيبني فيها ما أكره في ديني ودنياي».
< قوله: «فإنها لا تضره» قال العلماء: حاصل ما ذكر من أدب الرؤيا المكروهة أربعة أشياء: أن يتعوذ بالله من شرها، وأن يتفل حين يهب من نومه عن يساره ثلاثا، ويتعوذ بالله من شر الشيطان، ولا يذكرها لأحد، فإذا فعل ذلك فإنها لا تضره.
وعن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي يقول: «إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله تعالى، فليحمد الله عليها وليحدث بها».
وفي رواية: «فلا يحدث بها إلا من يحب، وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان، فليستعذ من شرها، ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره» متفق عليه.
< قوله: «فإنما هي من الله» قال القرطبي: أي بشرى من الله، أو تحذير وإنذار. ولذلك قال: «فليحمد الله عليها وليحدث بها».
< قوله: «ولا يذكرها لأحد» قال القرطبي: أي لا يعلق نفسه بتأويلها، إذ لا تأويل لها، فإنها من ألقيات الشيطان التي يقصد بها التشويش على المؤمن.
وعن جابر عن رسول الله قال: «إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثا، وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثا، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه» رواه مسلم.
< قوله: «وليتحول عن جنبه الذي كان عليه» قال العلماء: يتحول عن جنبه الذي كان عليه للتفاؤل بتحول تلك الحال التي كان عليها. أي إلى أفضل.
ذ. عبد الحميد صدوق