في تطورات متلاحقة وغير مسبوقة إلا في الحضارات الماضية حين تنذر بأفول لتعقبها حضارات أخرى، تتوالى بوتيرة جد سريعة أحداث مزلزلة طابعها اللافت الصراعات والتوترات داخل الدول بين طوائفها وأفرادها، وخارج حدود الدولة بين الدول والكيانات الرديفة، حيث انتقلت بؤرة الصراع من منطقة الشرق الأوسط إلى مناطق أخرى من العالم شملت آسيا وأوربا وإفريقيا وتنوعت بين صراعات حدود وصراعات سلطة، وصراعات طائفية دينية، وتقوت في نفس الآن بين فسحاتها صراعات تقليدية كصراع حقوق المرأة والرجل، وكل الحقوق الرديفة التي تم استنباتها لهدم الدول وتفتيت الكيانات المستقلة، وغدا المشهد شبيها بإرهاصات بداية سقوط أنظمة القرون الماضية تلك التي فصل في بذور أفولها الخالق سبحانه {وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا} (الكهف 59)، هو موعد إذن لا يتخلف يراه الربانيون بإشراقة الأمل في أن دولة الباطل إلى أفول، ويراه المجرمون توقيتا لإتمام أجندات سحل الناس ونهب خيرات الدول الآمنة..، وسياسة الشعوب بقوة النار والحديد، سوريا والعراق واليمن نموذجا.
والوتيرة التي تحدثنا عنها في بداية مقالنا تمور في مخاضها كل توابل التغيير الرباني القادم، وإزاء كل المظالم التي يكتوي بنارها المسلمون على وجه الخصوص، تظهر معالم مغبشة لانتصار الحق، وعلى سبيل المثال ففي الوقت الذي سرت فيه عدوى تعري نساء المسلمين بحجة الاحتجاج ضد أنظمة غير منصفة للمرأة وضد الديانة الإسلامية تحديدا، خرجت إلى الوجود جمعيات ومنظمات مناصرة لقضايا المسلمين ولبست نساؤها الحجاب تضامنا مع المرأة المسلمة وخرج مسؤولون غربيون معتبرون بتصريحات قوية تفضح سيناريوهات العنصرية الغربية في سعيها لتوريط المسلمين في قضايا إرهاب تمت صناعتها بدهاليز المخابرات الغربية (نموذج حادثة شارلي إيبدو). وفي الوقت الذي ظهرت فيه إلى الوجود حركة بيغيدا العنصرية بألمانيا والداعية إلى طرد المسلمين ، توالى اعتناق الغربيين للديانة الإسلامية واستقطابهم بآرائهم المنصفة حول المسلمين للحائرين من الأوربيين، وخرج عشرات الآلاف من الغربيين في تظاهرات مناصرة للمسلمين وقضاياهم، وفي الوقت الذي أريد فيه جعل المواقع الاجتماعية فيس بوك والتويتر .. الخ بؤرا لحبك مؤامرات ما سمي بالربيع العربي لتشتيت الدول العربية وإشاعة ما سمي بالفوضى الخلاقة فيها، انتشرت على هذه المواقع آلاف حملات تعرية مؤامرات تمزيق العالم العربي بالأشرطة والكلمة، وظهرت إلى الوجود قوات ردع لمسلمين اتخذوا هذه المواقع للهجوم على الدول التخريبية وتعطيل مؤسساتها، عبر نقرات حاسوب ذكية وصامتة، كما تم فضح سياسة الكيل بمكاييل التي تنهجها الدول التخريبية في مهاجمة المسلمين، وذلك من خلال الصورة، كما أظهر فرسان هذه المواقع من المسلمين بشاعة الاستعمار الجديد للمسلمين بواسطة عملائه، (نموذج ما يقع لإخواننا المسلمين من الروهينجا)، وغيرهم من الأقليات المسلمة التي تتم إبادتها في صمت غربي مريب، في الوقت الذي يتم فيه التطبيل لحقوق المرأة على سبيل الذكر، ويعنون بها المرأة الغربية.
أما العربية والمسلمة فإن مناسبات دولية كاليوم العالمي للمرأة تعتبر محطة ذهبية لإبراز مدى تأخرها، مع اختزال كل الحيف الواقع عليها في تخلف الدين الذي يدبر شؤونها. وقد استطاع فرسان الإنترنيت الإسهام بشكل فعال في شل هذا العدوان بإشاعة تعاليم الإسلام الطليعية حول المرأة..، تعاليم من شأنها إن طبقت تغيير معالم هذا النظام العالمي المبني في أساسه على استعباد المرأة وطمر كفاءاتها تحت ستار الحرية، والحال أن هذا الدين يختزن كل وصفات التحرير النسائي، وستتداعى أنظمة المظالم وموعدها قريب، وللحديث بإذن الله بقية.
ذة. فوزية حجبـي