دة. رجاء عبيد
أغمضت عينيها في سكون الليل وعقدت العزم على ألا ترعى مع الهمل، أطلقت عاقلتها من قيود المادة الى فضاء الخيال سابرة أغوار النفس، لتستقر في مضغة النجاة، فتلملم ما بقي فيها من رصيد الفطرة، تتعهدها لتقدح فيها شرر اليقظة المثمرة، وتمحو عناكب الخمول، وتلمع أوردة الجود والعطاء، وتقوي حبال الوصل والمراقبة.
اهتز جسدها برعشة التأهب للغوص، وقشعريرة الخوف تحركه كريشة في مهب الريح.
رأت قلبها في عالم التمثل هزيلا عليلا ، ساءلته يا قلب هل أنت سليم؟
لماذا ترتدي أطمار الران وأوشحة الطمأنينة نسجت لأجلك؟
تعلقت بك صور الدنيا الزائفة، ولونها القرمزي غشى بسحره بصيرة حكمتك، وأناقة اللسان صرفتك بالمجاملة فتشتتت منك الهمم، ضللت في شعب الفتور وخمد وميضك وبهت، وذبلت ورود صلاحك وتناثرت أوراقها، وحشائش الذكر المغروسة في أرضك أضحت هشيما إيذانا بأوقات مجدبة، وأقبرت في ظلمة الصدر، وطمرت في هوة المطامع، وازداد ظلامك بعدما هجرتك الرحمة والعطف على الضعفاء، وصبغت بصفرة الحقد والأنانية، ونثرت فيك رعونات الفراغات لتشغلك بتفاهة مخزية.
أثقل الكرى أجفانها لتستسلم لوهدته، فرأت قلبها يسبح في بحار الندم، يغسله عباب الاستغفار، وسمعت هاتفا يقول : إذا خرج شطء الإنابة أعشب السر بالوصل.