كانت مدينة فاس يوم الخميس 26 محرم 1436 الموافق ل 20/11/2014 على موعد مع انطلاق أشغال المؤتمر العالمي الثاني للباحثين في السيرة النبوية في موضوع : « آفاق خدمة السيرة النبوية » حضره ثلة من العلماء وكثير من المهتمين من الباحثين والطلبة.
والمؤتمر من تنظيم مؤسسة البحوث و الدراسات العلمية (مبدع) بشراكة مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والمجلس العلمي الأعلى، ومركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث والسيرة العطرة (العرائش)، ومركز السيرة النبوية للدراسات والبحوث (اسطنبول تركيا).
وقد افتتح المؤتمر بآيات بينات من الذكر الحكيم تلتها بعد ذلك كلمات كل من السادة وزير الشؤون الدينية لغينيا كوناكري الذي اعتبر أن انعقاد المؤتمر ” يأتي في وقت اشتدت فيه حاجة الأمة الإسلامية إلى الاستفادة من السيرة النبوية العطرة ” معتبرا سيرة الرسول خارطة طريق للبشرية في التسامح و العفو و الرحمة ”
وبعد ذلك جاءت كلمة السيد الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى التي ألقاها بالنيابة عنه الدكتور سعيد شبار رئيس المجلس العلمي المحلي ببني ملال الذي بين فيها أن الاشتغال بموضوع ” آفاق خدمة السيرة النبوية ” له مزايا عديدة أبرزها ” أنه فسح مجال النظر في السيرة ككل وليس في السنة وحسب، حيث تتاح فرص أخرى للفهم في السياق، و للموازنة و الترجيح، و لاستيعاب الاختلاف و للتدبر الأمثل ..إلخ. مما بإمكانه تقريب وجهات النظر في هذا العلم وفي علاقته بسائر العلوم، وتقليص مساحة الاختلاف بين فرق المسلمين.
أما كلمة السيد رئيس جامعة القرويين الدكتور محمد الروكي فقد أكد فيها على حاجة الأمة الإسلامية إلى العودة الراشدة إلى السيرة النبوية قائلا: ” ماأحوج الأمة الإسلامية اليوم إلى العودة الراشدة إلى السيرة النبوية الهادية، والإقبال على الشمائل المحمدية البانية والاقتباس من أنوار هذه الهدية الربانية السامية، والاغتراف من معين هذه الرحمة العالمية الباقية.
واغتنم هذه المناسبة لدعوة الباحثين للاشتغال بالسيرة النبوية معتبرا ” أن أولى ما يجب على البحث العلمي أن يشتغل به أمران:
-أن يقوم بإخراج النص الكامل الصحيح لهذه السيرة النبوية إخراجا علميا في الإثبات و التوثيق.
- وأن يقوم بخدمة هذا النص خدمة علمية شاملة تستوعب كافة الجوانب وتهتم بكل المعارف والعلوم ذات الصلة ”
كما ألقى السيد المشرف على مشروع تعظيم البلد الحرام بمكة المكرمة الدكتور طلال أبو النور كلمة بين فيها الأشياء الثلاثة التي وصفها الله تعالى بأنها هدى للناس :
أولها كتاب الله تعالى. وثانيها: رسول الله حيث قال تعالى فيه : وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم لذلك كان الأمر الرباني بوجوب طاعة أمر الله تعالى وأمر رسوله معا ” فقال سبحانه : وأطيعوا الله و الرسول و هو أمر محرض على جمع نص السيرة النبوية لأنها النموذج المثال للناس قامت به الحجة عليهم و به تقوم الحجة إلى يوم القيامة، و ثالثها بيت الله الحرام.
وفي بيان أهمية موضوع المؤتمر و محاوره جاءت كلمة السيد رئيس مركز ابن القطان للدراسات و الأبحاث في الحديث الشريف و السيرة العطرة (العرائش) الدكتور محمد السرار حيث ركز فيها على القضايا الآتية:
أولها الترابط المتين بين مؤتمري السيرة (الأول والثاني) اللذين نظمتهما مؤسسة البحوث و الدراسات الإسلامية (مبدع) حيث ان بنى الثاني على سابقه ووجه الترابط والارتباطه و أن المؤتمر الأول “إذا كانت فكرته تستبطن دعوة إلى التعريف بسابق الجهود في مجال السيرة النبوية لتقويمها ثم الإفادة منها فإن هذا المؤتمر تنطوي فكرته على دعوة إلى ارتياد جديد الآفاق في خدمة هذه السيرة الشريفة.
ثانيا الترابط المتين والبديع بين علم الحديث و فن السيرة النبوية وهو واضح في محاور المؤتمر من حيث أفق مصادر السيرة وأفق متنها وأفق فقهها وأفق تقريبها وأفق المشاريع الخادمة لها، وذلك الربط ينبئ أساسا بخصوصية العلمين و تداخل ما ألف فيهما تداخل مادة، وتداخل تصنيف.
أما السيد الأمين العام لمؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع) الأستاذ الدكتور الشاهد البوشيخي فقد حددت كلمته خارطة الطريق للباحثين في السيرة النبوية ل” تستشرف الأفق المنشود لخدمة السيرة الهادية البانية ” فالسيرة النبوية هي “السيرة السنة” إنها السيرة السنة التي تكمن وظيفتها “في إخراج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد” وهي ” السيرة المنهاج في كيفية إحلال هدى الله -وهدى الله هو الهدى – في الواقع ” وهكذا بين الدكتور الشاهد البوشخي مقصد هذا المؤتمر في « هذه المأدبة النبوية الثانية إنما هو من أجل تبين لوازم السير إلى تلكم السيرة الجامعة » :
ودعا في آخر كلمته الباحثين لاقتحام العقبة، والاستجابة للنداء ففيهم الأمل ،وعليهم بعد الله تعالى المعول أن يعيدوا تركيب السيرة المنهاج، بعد توثيق ماحقه التوثيق، وتحقيق ماحقه التحقيق، وجمع ما حقه الجمع، وغربلة ماحقه الغربلة، وتصنيف ماحقه التصنيف وتأليف ماحقه التأليف.
وختمت جلسة الافتتاح بكلمةا للجنة المنظمة التي ألقاها الدكتور مصطفى فوضيل المدير التنفيذي للمؤسسة وضمنها ترحيبا بالحضور وتنويها بجهود كل من أسهم في إنجاح المؤتمر، وبيان الأهداف هو مقاصد هو محاور هومراحل إنجاز هو مايتطلع إليه المؤتمر من الخلوص إليه من توصيات من شأنها أن ترسم للباحثين مجالات البحث في السيرة،
وتجدر الإشارة إلى أن المؤتمر استمرت أشغاله ثلاثة أيام في ست جلسات عدا الجلسة الافتتاحية و الختامية وجلسة شعرية ليتدارس ست قضايا تمثل آفاق خدمة السيرة: خدمة مصادر السيرة النبوية، وخدمة متنها، وخدمة فقه السياسة والاجتماع ومنهاج الإصلاح في السيرة النبوية، وخدمة فقه التربية والتعليم في السيرةالنبوية، وخدمة التيسير والتقريب للسيرة النبوية، وأفق مشاريع خادمة للسيرة النبوية.
كما تجدر الإشارة إلى أنه بجانب أنشطة المؤتمر كانت هناك أنشطة علمية أخرى، حلقات بحثية، لقاءات ومحاضرات عامة.
وانتهى المؤتمرون – الذين تدارسوا ما يقرب من ثلاثين عرضا – إلى خلاصات عبر عنها البيان الختامي الذي تضمن توصيات علمية وعمليةي نتظر – إذا رأت النور فعلا – أن تقدم خدمات جليلة للسيرة النبوية في مختلف المجالات والمستويات وأن تفتح عهدا جديدا للأمة في الاستفادة من سيرة رسول الله خاصة في مجالات التوثيق والفهرسة والإعلام والتربية والإصلاح.
———
إعداد: د. الطيب الوزاني