خلال شهر رمضان المبارك الذي نحن على عتباته العطرة تصفد الشياطين… شياطين الجن طبعا… بينما تبقى شياطين الإنس حرة طليقة تتمدد وتوسع أنشطتها وتروج بضاعتها الفاسدة وتتناسل موائدها المسمومة مستفيدة من اعتقال وتعاليم الشياطين المصفدة طيلة باقي شهور السنة… فضاءات اشتغال هذه الشياطين متعددة ومتنوعة بحسب قانون العرض والطلب. ولعل أكبر وأخطر هذه الفضاءات, فضاء الإعلام المرئي على وجه الخصوص والذي لا يجادل أحد حول أثره القوي والخطير إيجابا أو سلبا (والسلبي منه أكبر وأخطر) على عقول وقلوب وأذواق الناس على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والثقافية والفكرية خاصة فئة الشباب منهم… وخاصة في شهر رمضان المبارك الذي تحول لدى البعض -نتيجة مكر الليل والنهار للإعلام والتوجيه الفاسد- إلى فرصة سانحة للهو والفجور وتزجية الأوقات في اللعب والخمول وملء البطون ليلا بما لذ وطاب من الأطعمة والأشربة التي «حرموا» منها طيلة اليوم (كان الله في عونهم)… وغاب عن هؤلاء أن رمضان مطهر للذنوب ومزكـٍّ للنفوس وفرصة للإنابة والتوبة والتصالح مع الله وميلاد لحياة إيمانية جديدة مسعدة في الدنيا والآخرة…لكن النفوس المريضة والفطر المشوهة تأبى إلا أن تقتات على موائد الإعلام وسهراته الفاسدة وأطباقه الآسنة من مسلسلات رقيعة وأفلام وضيعة وبرامج تافهة في معظمها… ومن أحيا ليله أو نصفه أو جله على هذه القاذورات, فأنى له أن يشتغل بحيوية وينتج ويقضي مصالح العباد؟؟؟ (وسلم لي على الموظفين والموظفات في شهر رمضان وكل رمضان وموظفينا النجباء في سابع نومة).
…الإعلام يا سادة أصبح في زماننا الأغبر هذا -وأكثر من أي وقت مضى- بمثابة مصنع ضخم لتشكيل عقول الناس وتنميط سلوكياتهم وتغيير قناعاتهم وفق ما تريده خارطة طريق الاستكبار العالمي بغية تخريج أجيال ممسوخة… مسطحة التفكير…فاقدة الضمير لا هي في العير ولا في النفير كل هدفها تلبية رغبات تافهة ومتع زائلة… والحرص على الوصول دون بذل أي مجهود عن طريق الغش في الامتحانات والنصب والاحتيال والعنف إذا اقتضى الحال… فلا تعجبوا يا سادة من انتشار الجريمة واستفحال ظاهرة العنف داخل المدارس و حتى ضد الوالدين ناهيك عن تعاطي المخدرات بشتى أنواعها وأشكالها… كل ذلك -وما خفي أعظم- هو ثمرة خبيثة من ثمار الإعلام والتوجيه الفاسد… ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار.
اتقوا الله أيها القائمون على الإعلام في بلاد المسلمين واذكروا يوما ترجعون فيه الى الله ثم توفى كل نفس بما كسبت و هم لا يظلمون صدق الله العظيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.