هرولت بصغيرها المريض مسافة بعيدة من القرية إلى الطريق.. انتظرت طويلا.. ركبت سيارة كبيرة مكتظة بالركاب.. ظلت واقفة عدة كيلومترات إلى أقرب طبيب..
أخبرها الطبيب أن حالة صغيرها حرجة، وعليها تطبيبه في العاصمة..
وصلت العاصمة بعد لأي.. دخلت المستشفى الكبير.. انتظرت طويلا أمام مكتب الموظف المسؤول.. يتفصد ابنها عرقا.. نظر إليها موظف وقال للمسؤول بالفرنسية:
- ماذا تنتظر هذه المرأة هنا؟
رد زميله المسؤول هازئا بالفرنسية أيضا:
- آه تلك القروية؟ جاءتني تحمل رسالة طبيب بضرورة تطبيب طفلها .. قلت لها : انتظري ريثما يتوفر سرير لك ولابنك.. وها نحن على أبواب الليل وستعود من حيث أتت.. بلهاء تظن أن الحصول على سرير هنا سهل…
تسمّر وزميله في مكانهما حين أخذت الأم تحتج باللغة نفسها:
- أو لست مواطنة؟! ألا يحق لي أن أعالج ابني المريض هنا؟! أَتَمُنُّ علي بحق من حقوقي..؟! والله لأفضحنّك.. أهكذا تعامل المرضى الذين لا يعرفون هذه اللغة التي يتبجح بها الخونة الجبناء مثلك…؟ احتقرتني لمظهري وملابسي الملطخة بالوحل.. ولا تعلم أني أعلم هذه اللغة -التي تتبجح بها- لأبناء وطني منذ سنوات في قرية نائية.. أعوذ بالله أن يتصرف أحد تلامذتي مستقبلا مثل تصرفك هذا..!
حاول الرجل أن يهدّئ من ثورتها، فلم يفلح.. هبّ المسؤولون.. وفي رمشة عين، تم إسعاف الرضيع .. وفي الليلة نفسها، أجريت له عملية جراحية.. وتلقى عناية فائقة في غرفة جميلة طيلة مدة استشفائه…
ذة. نبيلة عزوزي