ابن العلقمي وزير في عهد هولاكو طمع في السلطة، فقرر الانقلاب على الخليفة بالتواطؤ مع أعداء الأمة، اتفق أكثر المؤرخين على أنه مالأ هولاكو على الخليفة، وساعده على دخول بغداد، وأدى فعله هذا إلى مقتلة عظيمة، قال الذهبي: وبقي السيف في بغداد بضعة وثلاثين يوما، فأقل ما قيل: قتل بها ثمان مائة ألف نفس، وأكثر ما قيل: بلغوا ألف ألف وثمان مائة ألف، وجرت السيول من الدماء، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
غير أن الله لم يمهله كثيرا، فمات ذليلا حقيرا مهانا، بعكس ما كان يمني به النفس تماما، يقول الزركلي: «وهناك روايات بأن مؤيد الدين –يعني ابن العلقمي- أهين على أيدي التتار، بعد دخولهم، ومات غما في قلة وذلة .
قال الذهبي: وكان في قلبه غل على الإسلام وأهله، فأخذ يكاتب التتار، ويتخذ عندهم يدا ليتمكن من أغراضه الملعونة. وهو الذي جرأ هولاكو وقوى عزمه على المجيء، وقرر معه لنفسه أمورا انعكست عليه، وندم حيث لا ينفعه الندم، وبقي يركب أكديشا، فرأته امرأته فصاحت به: يا ابن العلقمي أهكذا كنت تركب في أيام أمير المؤمنين؟ وولي الوزارة للتتار على بغداد مشاركا لغيره، ثم مرض ولم تطل مدته، ومات غما وغبنا»
وقال صاحب فوات الوفيات (3/ 253): «وقرر –أي ابن العلقمي- مع هولاكو أموراً انعكست عليه، وندم حيث لا ينفعه الندم، وكان كثيراً ما يقول بعد ذلك: «وجرى القضاء بعكس ما أملته»، لأنه عومل بأنواع الهوان من أراذل التتار والمرتدة؛ حكي أنه كان جالساً بالديوان، فدخل عليه بعض التتار ممن ليس له وجاهة راكباً فرسه، فسار إلى أن وقف بفرسه على بساط الوزير وخاطبه بما أراد، وبال الفرس على البساط وأصاب الرشاش ثياب الوزير، وهو صابر لهذا الهوان يظهر قوة النفس وأنه بلغ مراده.
وقال له بعض أهل بغداد: يا مولانا أنت فعلت هذا جميعه حمية، وحميت الشيعة، وقد قتل من الأشراف الفاطميين خلق لا تحصى، وارتكبت الفواحش مع نسائهم، فقال: بعد أن قتل الدوادار ومن كان على رأيه لا مبالاة بذلك. ولم تطل مدته حتى مات غماً وغيظاً في أوائل سنة سبع وخمسين وستمائة.
هذه نهاية ظالم جبار، أعماه حب السلطة، وأطغته الثقة في أعداء الأمة، والاستنصار بهم على أهل الإسلام، ولأمثاله اليوم نقول: اقرؤوا التاريخ جيدا، واقرؤوا قول ربكم العدل الكريم: فانظر كيف كان عاقبة الظالمين وقوله: وما هي من الظالمين ببعيد .
د. امحمد العمراوي
———–
- سير أعلام النبلاء ط الحديث (16/ 383)
- الأعلام للزركلي 5/ 321
- تاريخ الإسلام ت بشار (14/ 842)
- فوات الوفيات (3/ 253)