حقا إنه ضحك كالبكاء… رجل عاجز عن الحركة يتقدم إلى صناديق الاقتراع ليدلي بصوته من أجل أن يفوز بعهدة رابعة، ويحكم أربعين مليونا من الجزائريين من على كرسي متحرك.. وكأن الأرض التي أنجبت الأمير عبد القادر، والشيخ بن باديس، والبشير الابراهيمي، والشهيدة فاطمة إنسومر، لم تنجب غيره… إنها قمة الاستخفاف بالشعوب، وقمة التسلط الذي جعل من بلد المليون شهيد مزرعة يرتع فيها الجيش ويمرح، ويمتص خيرات البلاد تاركا الشعب الجزائري الشقيق يجتر بؤسه ويلوك غيظه.. منذ استقلال الجزائر سنة 1962 تعاقب على حكمها سبعة رؤساء، لم يترك أحد منهم الكرسي إلا عن طريق انقلاب أو أن يتوفاه الله عز وجل… قبل أكثر من قرن فطن السياسيون في الغرب إلى أن كأس السلطة قد يصيب صاحبه بالإدمان على كرسي الحكم، وحتى يضعوا حدا لأي استبداد سنوا الدساتير التي تقي كل منحرف من الالتصاق بالكرسي والجثوم على أنفاس الشعب، ومنذ ذلك الحين عرفت أوربا وكل الدول الديمقراطية أن لا شفاء من خدر السلطة سوى ترياق العدل…
في المقابل ظل الحاكم العربي محصنا ضد فيروس التحولات الديمقراطية، فما يكاد يضع دستورا يحدد المدة الزمنية لتولي السلطة، حتى ينقلب عليه ليمدد زمن البؤس والدكتاتورية.. قال لي أحد الظرفاء معلقا على «بوتفليقة» وهو يدلي بصوته من فوق كرسي متحرك : إني أرى في هذا الرجل «روزفلت العرب».. ألم يكن الرئيس الأمريكي الراحل روزفلت مقعدا ويتحرك دوما على كرسي متحرك، ورغم ذلك فقد كان المنقذ للاقتصاد الأمريكي بوضعه خططا رائعة للخروج من الأزمة الاقتصادية العالمية سنة 1929، وإني أرى في بوتفليقة الرجل الذي سيخرج الجزائر من التاريخ ليدخلها في دوامة المجهول… وأختم بهذا المقطع للشاعر أحمد مطر :
ويقولون لي اضحك
ها أنا أضحك من شر البلية.
ذ: أحمد الأشهب