ما عاد في الوقت متسع لألوك أمامكم والعيد النسائي الأممي يطل بكل بهرجته الزائفة، والعالم يئن تحت ثقل الآلام والدماء، والنساء حطب النزاعات الأثير حديث قوة المسلمين على الظالمين. ما عاد في الوقت متسع لنتقمص شخصية دون كيشوت ومحاربة طواحين الهواء وأشباح الهلاك تكالبت ووحدت إيديولوجياتها وأفكارها من أقصى إلى أقصى، وما كان من المستحيل جمعه من نظريات اتصل حبل الود بينها، وغدت غرف عملياتها مفتوحة لأطرافها من كل الملل والنحل، طالما وحدها الهدف الرئيس هو محق الوجود الإسلامي الذي يحمل مهمة الرحمة للعالمين. ما عاد في الوقت متسع للانغماس في معارك دون كيشوت الخيالية والسيف بلغ العظم وهذه الأمة الجميلة بدستورها القرآني العظيم وبرسولها الكريم وسنته الإعجازية لكل سنن البشر ما بين عبادات وأخلاق وعلاقات، تغوص في وحل الهزيمة .. هذه الأمة العملاقة برحمة الله تعالى لها، إذ ما خلقها عابدة للنار، وما خلقها عابدة للأصنام، وما خلقها عابدة للمال، وما خلقها عابدة للعباد، وما خلقها عابدة للأجسام، وما خلقها عابدة للأرواح، وما خلقها عابدة لشمال، وما خلقها عابدة لجنوب، وما خلقها عابدة لشرق، وما خلقها عابدة لغرب، وما خلقها عابدة لعمال، وما خلقها عابدة لرأسماليين، وما خلقها عابدة لسياسيين ولا اقتصاديين ولا علماء ولا فقهاء ولا فلاسفة، وما خلقها عابدة لنجوم، وما خلقها عابدة لمشاهير، وما خلقها عابدة لكلاب وقطط كما تردى الحب بالغربيين الجدد حد توريث الكلاب!! بل خلقها أمة موحدة لله تعالى، خالق الأحوال والأقوال والأفعال والأكوان، وخلقها عالمة، إذ كان أول أمر لها بالقراءة لتسود الكون بالعلم الرافع الراقي، وهو أعلم بمن خلق، إذ بالعلم يسود الحب والتكريم لكل خلق الله تعالى وتنحسر أهواء الجاهلية الاستئصالية باسم النسب والتربة والدين المحرف والحضارة واللون والجنس .. ما عاد في الوقت متسع لامتشاق قلم الجدال والمنافحة عن هذا الدين، فبيت الله يحميه الله جل وعلا، والله سبحانه كتب النصرة والغلبة لهذا الدين، ولو بعد حين، فقط هي سنن العقاب تتنزل الآن، جهلها من جهل وعرفها من عرف. ومن يعد إلى كتاب الله عز وجل ويقرأ تاريخ الحضارات التي بادت والدعوة الدينية التي تنزلت وأسباب الرحمة وأسباب الهلاك، أيقن أن توابل الغضب الرباني قد تجمعت في سماء المسلمين، وقد جاءنا النذير في كتاب الله العزيز . قال تعالى : {وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا}(الكهف 59) ومظالم المستبدين فاضت وما عاد من مداد ولو غرف من بحر يستطيع أن يحيط بزلازل بشاعاتها، وهو استبداد استمرأ قتل العزل باسم الدين وضد الدين، فقال المستبدون باسم الدين إن كل الآخرين الذين لا يشبهونهم حد التطابق كفار، وجب فيهم القصاص، وقال المستبدون ضد الدين إن أصحاب يافطة الدين إرهابيون ظلاميون ووجب سحقهم لتنعم الكرة الأرضية بالنور والضوء والحب والنشاط بعجره وبجره. وقال المستبدون باسم الكرسي إن الشعب نعاج لا حول لها ولا قوة وأن المعارضين فصيلة من الحشرات وجب إبادتها بكل أنواع السلاح حتى الكيماوي منها، وبينهم جميعا سارت الشعوب إلى مدافن تعددت شيبا وشبابا فمن دفن نفسه في المخدرات ومن دفن نفسه في الخمارات ومن دفن نفسه في عتمة الانحرافات الإعلامية ومن دفن نفسه في الركض وراء جلدة كروية من هواء، ومن .. ومن .. والجثث تتساقط والسجون تتجشأ تخمة من أجساد أبناء وبنات الأمة وهم “بنزينها” ونفطها المعطل في طيات المدافن .. فهل مازال في الوقت متسع لتبادل قذائف التخوين والتسفيه بين سنة وشيعة، وبين معتدلين ومتطرفين، وبين إسلاميين وعلمانيين، وبين أميين ومتعلمين إلخ.. وسيف الإبادة يمحق الجميع بعد فرم الجميع في الخلاط الكهربائي . وما كان هذا الخلاط ليفر منا لو وجد أمامه قطعة من فولاد متجانس، ألا يكسر بل ويعطب أسنان الخلاط كل جسم صلب؟؟ سامحوني إن طفح بي الحزن لأمتي وسالت جراحاتي المتخثرة فوق احتمالكم وجرح سوريا وحرائره المشردات بين الحدود العربية يرميهن عراء إلى عراء فاق أحزان فلسطين ومصر والعراق .. وأي عيد للنساء يطيب واللئيمون كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم انفردوا بالنساء لسحلهن مع أبنائهن بعد اغتصابهن .. هاربات هن الحرائر يارسول الله من الرمضاء إلى النار، وما عاد في القلب متسع للمداومة في قاعة انتظار نصر الله والفتح بأفواه مذنبة وأيدي مذنبة وأرجل مذنبة بل وقلوب ختم الله عليها وغشاها لمعاصيها التي فاقت كل احتمال من لدن الحليم الكريم؟ وكيف يرحم النساء خارج الحدود من لا يرف له جفن لإهانة النساء داخل الحدود؟؟. إن المرأة التي يغتصبها ابنها ورجل عائلتها وصديق العائلة ورجل الشارع ورفيق العمل، ليس رجلا مسلما كامل الإسلام. والرجل الذي يحرق زوجته أو أي أنثى، ويرمي بها من شاهق أو يدفعها إلى الانتحار البطيء بجملة التحرشات من كل لون ليس رجلا مسلما حقيقة كما جاء في كتاب الله وسنة رسوله .. المرأة هذا المخلوق العاطفي الجميل بكل تأكيد وقد سماها الرسول صلى الله عليه وسلم بالقارورة، جبلت على مجموعة من التصرفات ذات الطابع الاندفاعي من شك وغيرة، لرهافة حسها وسمو منسوبها العاطفي الحساس، لذلك أحاط الشارع العظيم هذه المشاعر النبيلة بدعوة الرجل للصبر والاحتمال وعدم الفرك وتلافي التعنيف للكيان الرقيق الهش كيان المرأة . ومن يقرأ سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم مع نسائه ومع عائشة رضي الله عنهن أجمعين سيصاب بصعقة انشداه أمام سلوك حضاري رباني لا مثيل له في عشرة النساء .. وما يقع الآن من عنف أسطوري ضد المرأة بل وضد الناس الآمنين في جل بقاع العالم الإسلامي والعربي على وجه الخصوص، يشي بانحسار معالم المعاملات الإسلامية بين المسلمين ذكورا وإناثا على حد سواء . ألم يحذف رسول الله صلى الله عليه وسلم من معين الخيرية ثلة الرجال من أولئك الذين يضربون نساءهم في الحديث الصحيح : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا تضربوا إماء الله، فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ذئرن النساء على أزواجهن فرخص في ضربهن فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد طاف بآل محمد نساء يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم)). وقد كنت أود في هذه الحلقة أن أدرج سيرة مواطنة غربية من المثقفات الإعلاميات الشهيرات، والتي خدمت ولا تزال تخدم الإسلام بشغف عجيب لإيمانها العلمي المطلق بأن هذا الدين هو المرسى، ردا على متهمي الإسلام بالعداء للمرأة، وهي السيدة “آن سوفي” لكنني رأيت الأمر في هذه الحلقة أعجل، وكلمة عـيـد المرأة تدعوني ونحن في حالة حداد جلي إلى رجِّنا لنقوم من كل المواقع إلى نجدة الإنسانية من كل الأطياف والأجناس والألوان والأديان ضد الوحشية التي تريد أن تـبـيـد الجميع . نحن الذين بعثنا رحمة للعالمين ملزمون بإشاعة قيم الحب والإحسان للناس أجمعين دون إقصاء .. نحن القدوة ومن عرفنا بهذه الصفات حتما سينجذب إلى مصدر هذه الصفات فينا وهو دين الإسلام، وآنها لن يتجبر الرجال على النساء ولن تتجبر النساء على الرجال وسيسود التكريم للجميع من الجميع كما أراده سبحانه لخلقه. وكل عيد تكريم للنساء وللرجال ونحن بخير.
ذة. فوزية حجبي al.abira@hotmail.com