315 61- لـماذا يا أبي…!
قلت : لا… عشرات الـمرات… صرخت : لا… إلى أن بح صوتي…!
تدخل بعض عقلاء العائلة… لكن أبي مصر على تزويجي رغم أنفي من شخص لم يعجبني لذمامته منذ النظرة الأولى…!
ضربني أبي ضرباً مبرحا… حبسني.. نعتني بأقبح الأوصاف… ازددت كرهاً لذلك الخاطب… فكرت في الهرب… ولم أجد أمامي إلا جدتي، غير بعيدة عنا… ازداد أبي حنقا، لأنه لا يتفاهم بتاتاً مع جدتي لأمي… عذبني عذاباً لن أنساه ما حييت… وأرغمني على الزواج… لأنه بكل بساطة أعجب بالخاطب لسلطته ونفوذه وماله…!!
كنت أدعو الله أن يميتني، أو يميت خطيبي… ثم أستغفره وأبكي بكاء مراً… كان حفل زفافي جنازة… وكانت صدمتي الأولى كالصاعقة : زوجي سكير، لا يبرح الكأس والسيجارة.. لغته الوحيدة معي : الضرب والعنف والسب.. لا يحق لي أن أقول له : هذا حرام… لا يعود إلا فجرا، ثملا، يترنح كالمجنون.. وقد لا يعود أياماً إلى البيت… لأن له بيتاً آخر، يسهر فيه وأصدقاؤه على السكر والفساد…!
حاورته في الأمر.. بلا جدوى.. وكل ما قاله مستهزئاً : لقد تزوجتك فقط لأنجب معك أبناء شرعيين.. لست في حاجة إلى زوجة أصلاً… وتزوجتك لأنك متدينة.. ولأنني لا أثق في النساء.. أعرف أنك لن تخونيني أبداً…!!
تصبّرت… حاولت أن أدعوه إلى التوبة… بلا جدوى.. طلبت منه الطلاق، فازداد معي عنفاً… كان يهددني بالسكين، ويقول : سأشوه وجهك، لئلا يتزوجك أحد إن هربت مني…!
لجأت إلى أبوي… رفض أبي مجرد الاستماع إلي… نهرني : وما دخلك في حياته، مادام يوفر لك مستوى لم تحلمي به؟!
رفضت العودة إليه.. وقفت أمي إلى جانبي.. فأقسم عليها أبي بالطلاق إن لم أعد إلى زوجي، وطردنا معاً من البيت!
عدت إليه منكسرة… لزمت الصمت رغم سخطي على حياتي.. اهتممت بتربية ابنيّ تربية حسنة، وأدعو الله ألا يكونا كأبيهما.. لم أعد أتدخل في حياته.. استسلمت وقد مضى شبابي وعمري… وهأنا أعاني مرضاً نفسيا مزمنا، أحاول تهدئته بالأدوية وبجلسات العلاج النفسي، وأعتصم بالله، وبذكره..
أنظر إلى عيني أبي.. فيهرب من نظراتي، التي تسائله : لماذا يا أبي..؟! لماذا يا أبي جنيت علي…؟! لماذا…؟!