314 مع الشعب أولا وأخيراً
بداية أقول لكل من يتصيد الكلام، ويبحث عن منفد يعبر منه للنيل من الذوق السليم، أننا لسنا ضد الفن الذي يخدم السلام ويهذب الأذواق، ويرفع من رصيدنا الروحي والحضاري، لكننا ضد تبذير أموال الشعب وتخريب عقول أبنائه… ففي الوقت الذي تعيش فيه فئات عريضة من المجتمع المغربي تحت وطأة الفقر وغلاء المعيشة، نجد المشرفين على مهرجان “موازين” يرصدون خمسة وعشرين مليون درهم في دورته الثامنة التي ستنظم ما بين 15 و23 مايو المقبل، لتنفق على فنانين من أكثر من أربعين دولة.. إن أي شخص يعيش حالة المغرب المعيشية، وكوارثه الطبيعية، ويرى وضعية أبنائه الذين دمرت منازلهم بواسطة السيول وباتوا يلتحفون السماء، لابد له وأن يتساءل عن جدوى هذه المهرجة الباذخة التي لا تعود على المواطن المنكوب بأي ذرة نفع، ولا تساهم -حسب زعم المنظمين- في أي حوار حضاري جاد ومنتج… إضافة إلى كون المهرجان يتزامن مع فترة الامتحانات في أسلاك التعليم الثانوي والجامعي، مما يفوت فرصة التحضير على طلبة وتلامذة الثانويات والجامعات، وكأننا في حاجة إلى مزيد من الهدر والتسيب الدراسي.. إن التبذير الذي تشهده مهرجاناتنا في ظل الأزمة المالية والاجتماعية التي يحياها المواطن، يفند حرص الحكومة على ترشيد النفقات وعقلنة الاقتصاد المتهالك الذي يُحاول البعض التقليل من وطأته على الأسر المغربية.
ومرة أخرى أقول للذين يحبون الاصطياد في الماء العكر، أننا مع كل ما يهذب الذوق، ويرسي قواعد سلام حقيقي بين الشعوب، أساسه العدل والاحترام والتسامح، وفي نفس الوقت ضد كل ما من شأنه رفع درجة الاحتقان الاجتماعي وتأزيم حياة هذا الشعب الطيب النبيل.