ها قد حلت بنا ذكرى مولد النبي ، وإن كان لفظ الذكرى فيه من سوء الأدب ما فيه، ذلك أن الإنسان لا يتذكر إلا شيئا نسيه، ومن ثم يحتاج إلى ما يذكره به. أما المؤمن المحب للنبي فهيهات أن ينسى حبيبه يوما من الدهر.
مني السلام على من لست أنساه
ولا يمل قلبي قط ذكراه
فإن غاب عن عيني فإن القلب مسكنه
ومن كان في قلبي كيف أنساه
قال ابن قيم رحمه الله (واعجبا لمن يدعي المحبة ويحتاج إلى من يذكره بمحبوبه، فلا يذكره إلا بمُذَكِّر، أقل ما في المحبة أنها لا تنسيك تذكر المحبوب).
أتدري لماذا لا يجب أن تنساه؟ ولماذا يجب أن يسكن حبه سويداء قلبك؟
1- لأنه رسول الله تعالى، ولا تصدق محبة العبد لله تعالى إلا بمحبته قال سبحانه : {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم}(آل عمران : 31).
2- لأن حقه عليك أعظم من حق أمك عليك، إذ هي كانت سببا في إخراجك من ظلمات البطن إلى نور الحياة، أما هو فقد أخرجك من ظلمات الكفر والشرك والجهل إلى أنوار الإيمان والتوحيد والعلم بالله تعالى.
3- لأنه منقذك من النار، وأعظم بها من نعمة، قال جل وعلا {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز}(آل عمران : 185)، تذكر كتب السيرة أن الصحابي الجليل خالد بن سعيد كان بدأ إسلامه أنه رأى في المنام أنه وُقِف به على شفير النار، وذكر من سعتها، ورأى كأن آت أتاه يدفعه فيها، ورأى رسول الله آخذاً بحقويه يمنعه من الوقوع، ففزع من نومه فقال : أحلف بالله أن هذه لرؤيا حق، فلقي أبا بكر ] وكان صاحبا له، فذكر له ذلك فقال له : أريد بك الخير هذا رسول الله وهو منقذك من النار.
4- لأنه بك رؤوف رحيم، قال سبحانه {بالمومنين رؤوف رحيم}(التوبة : 128) وقال عن نفسه : >إنما أنا رحمة مهداة<، ومن رحمته بك أنه يسأل لك السلامة وأنت تجوز على الصراط.
5- لأنه سبب لدخولك الجنة، قال : >كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا : ومن يأبى؟ قال : من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى<.
6- لأنه قدوتك وأسوتك، قال جل في علاه {لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة}(الآحزاب : 21) وقد قال أبو بكر ] لعمر ] يوم الحديبية : (الزم غرزه فإنه رسول الله).
7- لأنه عظيم في كل شيء، شهد بذلك العدو قبل الصديق، والحق ما شهدت به الأعداء، قال “برنارد شو” الكاتب الإنجليزي في كتابه “محمد” ، الذي أحرقته السلطة البريطانية (إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد، هذا النبي الذي وضع دينه دائما موضع الاحترام والإجلال، فإنه أقوى دين على هضم المدنيات، وإني أرى كثيرا من قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة “أوربا” إلى أن قال : يجب أن يسمى منقذ البشرية).
لكل هذه الأسباب ولغيرها أحب النبي وأرجو أن أنال بهذا الحب شفاعته، آمين.