315 صورة المرأة في الأحاديث الموضوعة : 2- المرأة لعبة
يتخذ أعداء الإسلام ومن سار على دربهم من بني جلدتنا بعض الأحاديث الموضوعة والمنسوبة كذبا وزوراً لرسول الله في محاولة لتشويه صورة الإسلام والنيل من صفائه وطهارته، ولكن علماء الحديث تصدوا لهذه الهجمة ووقفوا في وجه الوضاعين والكذابين حتى تبقى سنة الحبيب المصطفى محفوظة بما حفظ به الذكر الحكيم وهذه وقفة مع بعض الأحاديث المكذوبة والموضوعة.
< >المرأة لعبة زوجها فإن استطاع أن يحسن لعبته فليفعل<.
لا يصح، فيه عيسى بن عبيد الله العلوي (تعقب) بأن لأوله شاهدا عند الحاكم في تاريخه بسند ضعيف من حديث عمرو بن العاص بلفظ، النساء لعب فتخيروا(1).
لاريب أن من تشييىء الرجل للمرأة نظره إليها على أنها لعبة بما يفهم من لفظ اللعبة من إلغاء لشعورها وإحساسها وجميع عواطفها، فاللعبة (اسم لكل ما يلعب به واللّعْبة تقال للمرة الواحدة من اللعب)2). وحين توصف المرأة باللعبة فهو وصف يستلزم شيئا جامدا لا عقل له، يباع ويشترى من أجل اللهو والعبث به لمدة طالت أم قصرت ثم رميه أو طرحه أو إهماله، وحاشا رسول الله أن يكون ممن ينظر إلى هذا الكيان الذي كرمه الله تعالى وشرفه على أنه لعبة للرجل. يقول تعالى منصفا المرأة أمام هذا الجور {وعاشروهن بالمعروف}(النساء : 19). والعشرة هنا هي الكلمة الطيبة، والمشاعر الصادقة والمعاملة الكريمة، فهن أولى الناس بهذا، لأن التضييق عليهن واللعب بمشاعرهن وإهمالهن فيه امتهان لمنزلتهن وحط من قيمتهن.
لئن كانت المرأة تدخل السرور على الزوج بما شرعه الشارع في الزواج من جواز الملاعبة والملاطفة واللهو الزوجي المباح، فإنه مطلوب من الطرفين على جهة التشارك والتعاون في إنجازه وإنجاحه، يقول الرسول >أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله<(رواه الترمذي) فالمرأة والرجل معا كل واحد منهما مطالب بعمل ما في وسعه من أجل إسعاد الآخر بالكلمة الطيبة والممازحة والترفيه والتسلية، لا بمنطق الأنانية الفردية التي ترى أن المرأة وحدها المطالبة بتوفية رغبات الزوج والسهر على طلباته ونزواته، بل الرجل أيضا مطالب أن يكون في مستوى ما يستلزمه الزواج وحاجات الزوجة، ويروى عن ابن عباس >أنه و قف أمام المرآة يصلح من هيئته، ويعدل من زينته، فلما سئل في ذلك قال : أتزين لامرأتي كما تتزين لي امرأتي، ثم تلا الآية الكريمة {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف}<(3)، وإن كانت هناك حاجة للعب واللهو فمنهما معا وبينهما بلا شك وإلا كان الظلم وترسخت الإذاية المادية والمعنوية، وهذا ما جاء الشرع الحنيف لرفعه ودفعه.
أثبتت السيرة النبوية لطفه بأهله وحسن خلقه مع أزواجه، وبلغ من ملاطفته لهن أنه سابق عائشة مرتين، فسبقته مرة وسبقها أخرى فقال لها : هذه بتلك(4).
—-
1- الكناني، تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة 226/2.
2- ابن منظور : لسان العرب، 741/1.
3- أبو عبد الله القرطبي : الجامع لأحكام القرآن….
4- سنن البيهقي الكبرى : باب ما جاء في المسابقة : 1817/10.