314 المرأة والدعوة إلى الله
شاء الله أن تكون المرأة أول شاهدة على نزول الوحي على رسول الله ، وأول مصدقة له ومؤازرة لدعوته بجهدها ومالها، وأول من سمعت أول ما أُنزل من القرآن على سيدنا محمد بل هي التي انطلقت إلى ورقة بن نوفل وكان ابن عمها فأخبرته بما أخبرها به رسول الله أنه رأى وسمع فقال ورقة:” قدوس قدوس والذي نفسي بيده لئن كنت صدقتيني يا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى وإنه لنبي هذه الأمة فقولي له فليثبت” وقد قال مثل ذلك لرسول الله وقال:
” ولئن أدركت ذلك اليوم لأنصرنّ الله نصرا يعلمه “.
وهكذا انطلقت رسالة سيدنا محمد من بيت خديجة وبتثبيت خديجة لرسول الله ، واتسعت نقطة النور داخل هذا البيت المبارك ثم بدأت تتسع وتزداد ضياء وانتشارا، فآمن رجال وشباب وأحداث ونساء وأحرار وعبيد، وبدأ الامتحان فكانت أول الشهداء في سبيل هذه الدعوة امرأة: سمية أم عمار بن ياسر رضي الله عنهم.
وقد كانت المرأة أول من أؤتمن على المصحف الكريم وهي حفصة أم المومنين رضي الله عنها. وقد امتازت المرأة في ميدان رواية الحديث أنها صادقة مائة في المائة، فقد نص علماء العدل والجرح أنه لم يسجل الكذب على راوية من راويات حديث رسول الله .
ومكانة المرأة في نهضة الأمة الإسلامية والحفاظ على دينها ومشاركتها الفعالة في الجهاد قديما وحديثا مشهورة، وبالمناسبة فإني أقرأ الآن كتاب جهاد الزاوية السنوسية وانتشارها في ليبيا والسودان والتشاد والنيجر ومالي دعوتها الصوفية السلفية، وجدت حضور المرأة البارز في ميدان الدعوة والجهاد. ولقد شاهد المسلم النمساوي اليهودي الأصل محمد أسد رحمه الله نساء بجانب الشيخ عمر المختار رحمه الله الذي ظل يجاهد في سبيل الله حتى سنة 1931 ورفضن الالتجاء إلى مصر مع سائر النساء والأولاد وأبيْنَ إلا أن يظلن إلى آخر نفس لهذا الجهاد العظيم..
وفي عصرنا هذا أصبح مكان المرأة في الدعوة إلى الله ذا أهمية كبرى إذ الصلاح من المرأة والفساد من المرأة، لذلك اهتمت أساليب إفساد المجتمع الإسلامي بالمرأة المسلمة، حيث أصبحنا نشاهد أن المرأة المحجبة تُمنع من كثير من الوظائف مثل الإعلام والبنوك وكثير من الشركات وغير ذلك… بل يُشترط في بعض الفضائيات العربية أن تظهر المرأة في غاية الزينة والزخرف النسوي مع كشف الصدر، وفي بعض الفضائيات العربية يسمح بالحجاب ولكنه حجاب متبرج ولباس ضيق واصف وأصباغ ودهون ومساحيق للوجه مما يناسب اللباس، وذلك حتى في بعض الفضائيات المخصصة للدعوة إلى الله مع الأسف الشديد!!
أما ميادين إفساد المرأة فتتكاثر وتتفاحش كل يوم، لذلك كان الواجب على من يستجيب لله وللرسول من العلماء والدعاة أن يولوا اهتماما كبيرا لإعداد الداعيات في مختلف الأعمار والأحوال، فنحن في حاجة إلى المرأة الداعية في المدرسة وفي العمل وفي المعمل وفي الإدارة وفي الدكاكين وفي المسجد وفي البيت وفي المنتديات وفي الملاجئ وفي السجون وفي المدن وفي القرى وفي الأحياء المهمشة وفي كل أركان المجتمع. إن بلادنا كلها مثل غزة في الحصار وأسلحة الدمار الشامل والتخريب المعنوي الهائل.
إن إعداد المرأة للدعوة لهُوَ من أهم واجباتنا لذلك يجب تكثير تكوين جمعيات نسائية وإنشاء دور للقرآن الكريم خاصة بالمرأة وكذلك التعليم الديني مع وجوب تحديث المناهج واختيار المربين والمدرسين والمدرسات والإكثار من حض المرأة المسلمة الغيورة أن تنضم إلى جمعيات الآباء والعمل من خلالها على توعية التلميذات والتلاميذ وبث الروح الإسلامية فيهم.
إن مجالات الدعوة للمرأة كثيرة ومتنوعة ولقد شاهدنا بعض النماذج الناجحة في هذا المجال ولكن قليلة وضعيفة الوسائل والإمكانيات.