392 شباب الأمة والدور المنشود
ذ. أحمد حُسني
قيمة الشباب في المجتمع
تنهض الأمة على أكتاف أبنائها الأقوياء، التي يجري في عروقها دماء الشباب، فهم دعامة الأمة وجيلها الصاعد، فهم مظهر من مظاهر النشاط الاجتماعي، ومحور ارتكاز للقوى الإنسانية، فالشباب عدة المجتمع، وأداته الفعالة في تحقيق وإنجاز مشروعاته الخاصة بالتنمية والنهوض بالمجتمع، وهم درع الأمة الواقي، على عاتقهم تقام دعائم المجد، وبأيديهم تبنى صروح العزة، وبجهودهم تسير البلاد قدما في طريق الحرية والتقدم، وعليهم تعلق البلاد آمالها في بناء معالم الرقي، وبتضحياتهم يسجلون شرف الدفاع عن الوطن، فالشباب هم دعاة النهضة في السلم، وقوة الأمة في الحرب، والشباب هم العمال والفلاحون والطلاب والجنود فهم رمز لقوة الأمة.
ولقد اهتم الإسلام بالشباب ووضع الأحكام التي تنظم العلاقة بين الآباء وأبنائهم منذ الطفولة حتى الكبر، ووضع التعاليم التي تحمي الشباب من الانحراف، وكلف الإسلام الوالدين بالدور الواجب عليهم نحو أبنائهم، وربطهم بالتعاليم الدينية منذ الصغر.
إن الشباب في وطننا شباب كله طاقات خلاقة، مدرك لمسؤولياته، متمسك بالقيم الروحية، والتعاليم الدينية، مؤمن بأن العمل الناجح والمشاركة الفعلية في بناء المجتمع لا بد وأن يقوم على أساس العلم والإيمان، وأن المسجد يلعب دورا هاما في تنشئة المواطن الصالح عن طريق تأدية الشباب لفريضة الصلاة جماعة، وحضورهم دورس العلم به، وهذا ما نلاحظه في مجتمعنا، أن كثيرا من الشباب يؤدون الصلاة بجانب الكبار، وهذا دليل على تمسك شبابنا بالقيم الروحية والشريعة الإسلامية. فالمسجد هو الذي أخرج لنا العظماء من أمثال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمسجد يجب أن يعود إلى دوره المتميز الذي كان عليه ليكون مركزا من مراكز الإشعاع الروحي والتنشئة الاجتماعية السليمة لشباب الأمة في كل وقت.
دعامات في تربية الشباب
إن شبابنا اليوم يحتاج في الحقيقة إلى دعامات أساسية أهمها :
1- أن يطمئن الشباب إلى أن مسيرة العمل الوطني مستمرة فوق الأشخاص، وأن التصحيح والتغيير لا يعني بحال من الأحوال الانتقاص من كل لبنة صالحة ولو كانت صغيرة صادرة من صغير.
2- أن لا عمل سياسي للشباب بغير إيمان بالله وبأمته وبنفسه وهو مطلب جوهري وأساسي.
3- العلم والعمل ليس كلمة ولا شعارا، ولكنه منهج حياة وأسلوب عمل، وبغير الالتزام به نقع في التخلف ويضيع الوقت والعمل.
4- الأمن والوضوح، فنحن نريد شبابا يطمئن على مستقبلهم، شبابا مرفوعي الرؤوس، ولا نريد خائفين ولا قلقين ولا منافقين، ولا نقبل الأساليب الملتوية، فخدمة الوطن والمواطنين قضية لا بد أن تتم في النور.
إن شبابنا الذي هو دعامة أمتنا، إذا قورن بشباب العالم الغربي المتقدم نجده شبابا يتمسك بتعاليم دينه، محافظا على هويته وقيمه، وإذا كانت هناك فئة من الشباب عملت على استيراد أفكارها من الغرب، وتخلت -نسبيا- عن تقاليد وعادات أمتنا، فهم أقلية لا تذكر بالنسبة لمجموع الشباب المؤمن العامل الطموح، الذي يبذل كل جهد لرفعة الأمة وعلو شأنها، إذا ما أتيحت لهم الفرصة، وتلقوا التشجيع اللازم والإرشاد الهادف.
نماذج من القرآن الكريم والسيرة النبوية
إن الشباب هو القوة القادرة على التغيير والإصلاح، والقرآن الكريم أشار إلى ذلك في قصة إسماعيل ، واستعداده للتضحية وهو شاب{قال يا أبت افعل ما تومر ستجدني إن شاء الله من الصابرين}(الصافات : 102). وقصة إبراهيم مع قومه في مواجهة الأصنام، وهو شاب في مقتبل العمر قال تعالى : {قالوا سمعنا فتى يذكرهم يُقال له إبراهيم}(الأنبياء: 60). وفي قوله تعالى ثناء على أصحاب الكهف {إذآوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من امرنا رشدا}(الكهف :10). وقال تعالى : {نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى}(الكهف : 13). وفي وصف يوسف عليه السلام قال تعالى : {وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه}(يوسف : 30). وهو شاب ضرب أروع الأمثال في الصمود والعفة أمام الإغراء. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “سبعة يظلهم الله في ظله…” الحديث وفيه “وشاب نشأ في طاعة الله”(البخاري).
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسند المسؤوليات الكبرى للشباب، فقد أسند قيادة الجيش لأسامة بن زيد وهو شاب لقتال الروم، وجعل عتاب بن أسيد رضي الله عنه أميرا على مكة وأرسل مصعب بن عمير رضي الله عنه داعية وسفيرا إلى أهل المدينة، فعلى شبابنا المسلم أن يولي وجهه شطر دينه الإسلام، ليجد كل ما يطمح إليه من : سكينة روحية، وطمأنينة قلبية وسعادة نفسية وسلام، وأن يعلموا أن الأمة الإسلامية خير الأمم. إننا نريد شبابا جامعا لكل صفات الشرف من : إيمان بالله، واعتداد بالنفس واحترام لها، وشعور عميق بأداء الواجب، وحماية لما في ذمتهم من : أسرة وأمة ودين، ورفض الضيم لنفسه ولها.
قال الشاعر
شباب الجيل للإسلام عودوا
فأنتم روحه وبكم يسود
وأنتم سر نهضته قديما
وأنتم فجره الزاهي الجديد
يُطل على الحياة هدى وعدلا
وإنصافا فيبتسم الوجود
عليكم بالعقيدة فهي درع
نصون به كرامتنا حديد
إخواني الشباب اتخذوا من سلفنا الصالح قدوة هادية، ونبراسا مضيئا، فنفوسهم كانت بريئة، وقلوبهم كانت طاهرة، وعزائمهم قوية وإيمانهم خالصا لوجه الله، واعلموا كذلك أن سعادة الدنيا والآخرة في العودة إلى الله تعالى والدعوة إليه، وفي سلوك الطريق المستقيم.
اللهم خذ بنواصينا ونواصي شبابنا إلى الخير، واجعل الإسلام منتهى رضانا.
{وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون}