بمناسبة شهر رمضان المبارك تكثر أسئلة كثير من الناس عن أحكام الشرع في استعمال بعض الأدوية ووسائل العلاج الحديثة وما مدى تأثيرها في صوم المريض. وبهذه المناسبة أجرت جريدة الـمـحـجـة حواراً مع العلامة الدكتور محمد التاويل حفظه الله تعالى بشأن بعض وسائل العلاج الطبية المعاصرة، فمرحبا بفضيلة العلامة :
> أولا ما حكم استعمال بخاخ الربو؟
>> هو نوعان : بخاخ هوائي خالص ليس به ماء هذا ليس فيه إشكال ولا يفطر. بخاخ فيه نسبة من الماء وهذا على القاعدة العامة “إذ وصلت السوائل إلى الحلق فإنها تفطر”.
> يحتاج بعض المرضى إلى تشخيص مرضهم عبر منظار المعدة الخارجي والداخلي ما أثر هذا الاستعمال على صوم المريض؟
>> المنظار الخارجي، هذا لا شيء فيه، أما الذي يدخل إلى المعدة بقصد التصوير فهذا القاعدة فيه عند الفقهاء “كل ما جاوز الحلق من اليابسات أو الرطوبات فإنه يفسد الصوم”، مهما كانت حتى إنه لو بلع الصائم حجرا أو عظما فإنه يفسد صومه.
> يتساءل كثير من الناس عن حكم استعمال القطرات في العيون أو الأذن أو الأنف؟
>> هذه القطرات منها ما يصل إلى الحلق ومنها ما لا يصل، وما لا يصل الحلق لا يفسد الصوم، وهذا محل التجربة فقد استعملت ذلك في أكثر من مرة، فهناك بعض القطرات التي كنت أحس أنها تصل إلى الحلق، وهناك قطرات لا أحس بها تصل إلى حلقي، سواء كانت قطرة العين أو الأذن أو الأنف، فيمكن للصائم أن يستعمل هذه القطرات لكن إذا أحس بشيء يدخل جوفه فعليه أن يعيد صومه، وإذا لم يحس بشيء يصل إلى حلقه فلا يعيد صومه.
> بالنسبة للتخدير خاصة التخدير الجزئي عن طريق الأنف أو بواسطة مواد غازية تؤثر في الجهاز العصبي فيحصل التخدير مثلا، ما حكم استعماله أثناء الصوم؟
>> حكم التخدير بحسب وسائله وطرقه، فما كان خارج الفم ولا يصل إلى الجوف فلا يفطر، وما كان عبر الحلق ويصل إلى الجوف فهو يفطر، وخاصة إذا كان من المائعات والسوائل التي تشرب فهذه تفطر قطعا.
> وما حكم الشرع في التخدير الكلي الذي يترتب عنه غيبوبة طويلة ليوم كامل أو لساعات معينة؟
>> ما كان منه لساعات معينة إذا كان بعد الفجر فلا شيء عليه فهو يشبه النوم، أما إذا كان لمدة يوم كامل أو أكثر فعلى صاحبه أن يقضي ما فاته أثناء فترة التخدير.
> ما حكم التداوي بالحقن العلاجية. وهذه الحقن نوعان : حقن عضلية أو جلدية غير مغذية، وحقن وريدية مغدّية تزود الجسم بالغداء فيستغني صاحبها عن الطعام والشراب؟
>> الحقن العلاجية غير المغذية هذه لا شيء فيها إذا استعملها المريض في رمضان في حالة الصوم.
أما الحقن العلاجية المغذية فهذه محل نظر فهناك من الفقهاء من يقول : إن المفطرات هو ما وصل إلى الجوف عن طريق منفذ واسع كالفم أو الأنف أو الأذن، أما ما وصل إلى الجوف عن طريق منافذ دقيقة كالمسام الجلدية فإذا أخذنا بهذا الرأي فإنها لا تفطر، وهناك من الفقهاء من رأى أنها تفطر وتفسد الصوم قياسا على بخار القدر فإذا تعمد الإنسان استنشاق بخار القدر فإنه يفطره فكذا هذه الحقن العلاجية إذا كانت تصل الجوف ولو عن طريق المسام الجلدية فإنها تفطر.
> ما حكم مريض السكري في استعماله للإبر وهو صائم؟ هل تفسد الصوم أم لا؟ وما حكمه إذا عسر عليه الصوم مطلقا؟
>> استعمال مريض السكري للإبر في حالة الصوم يرجع فيه الأمر إلى قرار الطبيب فإذا لاحظ الطبيب أن مريضا ما لا يقدر على الصوم بدون استعمال هذه الإبر نهاراً ولا يمكن تأخيرها مثلا إلى الليل فهذا حكمه جواز اسعتمالها ما دام لا يقدر على التخلي عنها وتأخيرها إلى وقت الليل وهذا يدخل في عداد المرضى وعليه أن يفطر نهائيا ولا يطلب منه أن يصبح صائما بل عليه أن يصبح مفطراً ويستعمل الإبر، ولا اثم ولا حرج عليه، فإذا شافاه الله وعافاه فعليه القضاء، وإذا لم يشف فعليه الفدية وهي مجر د مستحب وليست واجبة، ومقدارها إطعام مسكين عن كل يوم أفطره.
أما إذا لا حظ الطبيب أن المريض لا يتضرر بترك الإبر وهو صائم وله أن يؤخرها إلى وقت ما بعد الفطور إلى وقت السحور، فهذا لا يصح في حقه استعمالها وهو صائم ولا يقبل منه عذر.
> ما حكم استعمال المراهم والدهون واللاصقات العلاجية؟
>> هنا حكم هذه المسائل يبنى على الأصل السابق وهو ما يصل إلى الجسم عن طريق المنافذ الدقيقة كالمسام الجلدية فهذا لا يفطر، ولذلك فكل المراهم لا تفطر سواء عبر الجلد أو الشعر، ولكن إذا تأكد -كما قلنا سابقا- أنها تصل إلى الحلق وأحس بها مستعملها فهي تفطر.
> ما حكم الصائم الذي يحتاج إلى استعمال قسطرة الشرايين وهي عبارة عن أنبوب دقيق يتم إدخاله في الشرايين لأجل العلاج أو التصوير، ولا يتضمن مواد مغذية للجسم كما أنه لا يصل إلى المعدة؟
>> هذه القسطرة لا تفطر نهائيا، ولا بأس من استعماله، ولا قضاء على صاحبه.
> ما حكم استعمال الغسيل الكلوي في حالة الصوم؟
>> عملية استخراج الدم من الجسم لا إشكال فيه لكن إعادة الدم فيه إشكال ويمكن إلحاقه بمسألة الحقن المغذية، فإعادة الدم إلى الجسم مشحونا بمواد مغذية يأخذ حكم العلاجات المغذية، ولذك فالأمر فيه يتوقف على قرار الطبيب، فإذا كان بالإمكان استعمال هذه الأنواع من الغسيل خارج فترة الصوم (خارج الشهر مثلا، بالليل بعد الافطار) لم يجز استعماله نهاراً، وإذا تعذر تأخيره صار الحكم فيه حكم المرض، يجوز فعله للضرورة وعلى صاحبه أن يقضي صومه.
> ما حكم استعمال التحاميل “Supositoires” التي يلجأ إلى استعمالها بعض المرضى في حالة الصوم وتكون هذه التحاميل إما عبر الفرج أو الدبر، بغرض التخفيف من الحرارة أو علاج آلام البواسير والإسهال…؟
>> ما يستعمل من هذه التحاميل عبر فرج المرأة وذكر الرجل فهذا لا يفطر، لكن ما يستعمل عبر الدبر عند الرجل والمرأة ففيه إشكال : فإذا كان يصل إلى المعدة فهو يفطر، وإذا كان لا يصل فهو لا يفطر، لذلك فما كان عن طريق الدبر فله علاقة بالمعدة، ويمكن أن يصل إلىها، فهذا يفطر وما كان عن طريق الفرج عند المرأة والرجل معا فهذا لا علاقة له بالمعدة ولذلك فهو لا يفطر، ولذلك فأخالف من رأى من الفقهاء الأقدمين أن ما كان عن طريق الفرج فهو يفطر، وقد أخطأ من قال بذلك.
> يتحرج كثير من الناس من التبرع بالدم والحجامة في شهر رمضان المبارك وأثناء فترة الصوم، هل في نظركم يؤثر في الصوم ويفسده؟
>> هذه لا حظر فيها، فالتبرع بالدم والحجامة والفصد لا يفطر والأصل فيه أن الخارج من الجسم لا يفطر بخلاف الداخل إليه، بل إن التبرع بالدم عمل من أعمال البر والإحسان وبالتالي فهذا مما لا يفسد به الصوم، ولا قضاء على صاحبه.
> وهل مسألة أخذ عينة من الدم للتحليل لها نفس الحكم أيضا؟
>> نعم لها نفس حكم التبرع والحجامة لأن استخراج الدم لا يؤثر في الصوم بأي طريق كان هذا الاستخراج عن طريق الحجامة أو الفصد أو للتبرع أو للتحليل أو بأي غرض آخر.
لكن إذا كان التبرع بالدم أو الحجامة يترتب عليها حالة إغماء وضعف لصاحبها فالأحسن تجنب ذلك لإمكان أن يؤدي إلى علاجات مفسدة للصوم.
> بالنسبة لمعجون الأسنان هل يفسد الصوم؟
>> معجون الأسنان قطعا يصل إلى الجوف، لذلك أنصح بعدم استعماله وليس ضروريا أن يتكلف الإنسان استعماله ليفسد صومه، لأن هناك امكانات أخرى للتنظيف غير مفطرة، كما أنه يمكن أن يستعمل في أوقات الليل بدل النهار.
> يلجأ بعض الصائمين إلى استعمال دهون الشعر والجسم من زيوت ومستحضرات كيميائية ويتساءلون كثيرا ما حكم الشرع في ذلك؟
>> هذه دهون الجسدية لا أثر لها في إفساد الصوم ولا أرى بأسا في استعمالها، أما دهون الشعر فمنها ما يصل إلى الحلق فهو مفسد للصوم، وأما ما لا يصل إلى الحلق فهو غير مفسد ولا بأس من استعماله.
> جزاكم الله تعالى خيراً وإلى فرصة أخرى إن شاء الله تعالى.