ذ. منير مغراوي
قال سليم بن منصور بن عمار : “رأيت أبي منصور في المنام، فقلت له : ما فعل الله بك؟ فقال : إن الرب تعالى قربني وأدناني، وقال لي : يا شيخ السوء أتدري لم غفرت لك؟ قلت : لا يا إلهي. قال : إنك جلست للناس يوما مجلسا، فبكيتهم، فبكى منهم عبد من عبادي لم يبك من خشيتي قط، فغفرت لك، ووهبت أهل المجلس كلهم له، ووهبتك فيمن وهبت له”(عيون الكايات ص 318).
سبحان الله العظيم، يغفر الذنوب ببكاء قساة القلوب، ويشفع التائب فيمن كان سببا في توبته، ويهب من شاء من عباده لمن أراد من عباده، بمحو زلات السنين بدموع لحظة أو حين. فلا تيأس أخي مهما بلغت ذنوبك، ولا تغتر مهما بلغ اجتهادك، فَهَا هو سليم بن منصور بن عمار علم في الزهد والعبادة والتقوى، لم ينفعه إلا بكاء رجل ما بكى من خشية الله قط، ولا تحقرن أحدا من أهل القبلة، فلربما وهبك الله له، وشَفَّعَهُ فيك، ولا تحقرن عملا فقد تنجو بأصغر أعمالك، حسبته صغيراً وهو عند الله كبير، ألم يأتك نبأ البغي التي دخلت الجنة بشربة ماء سقتها كلبا؟! أما طرق مسامعك خبر الرجل الذي أخَّرَ غصن شوك عن طريق المسلمين فغفر الله له ما مضى من الخطايا في سالف الأعوام والسنين؟! ولا تستهن بذنب! فأهون ذنوبك عندك قد يكون أكبرها عند الله تعالى، وأكبرها عندك قد يكون أصغرها عند الله تعالى!!
وقد قال رجل كلمة أوبقت دنياه وآخرته، كما جاء في الحديث الصحيح أن رجلين كان متآخيين، وكان أحدهما مجتهدا في العبادة، وكان الآخر مقصرا، فكان المجتهد إذا مر بالمقصر، قال له أقصر، فلما يئس منه، قال له : والله لا يغفر الله لك، فقال الله تعالى : من ذا الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان، فقد غفرت له، وأحبطت عملك.
نسأل الله السلامة والعفو والعافية، آمين.