عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : “يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية : {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} (المائدة : 105). وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : “إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه” (رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة).
يقول ابن كثير رحمه الله تعالى : “وليس في الآية دليل على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا كان فعل ذلك ممكنا”(1).
وعن سوار بن شبيب قال : كنت عند ابن عمر، إذا أتاه رجل فقال : يا أبا عبد الرحمن نفر ستة كلهم قرأ القرآن وكلهم بغيض إليه أن يأتي دناءة، وهم في ذلك يشهد بعضهم على بعض بالشرك، فقال رجل من القوم : وأي دناءة تريد أكثر من أن يشهد بعضهم على بعض بالشرك؟ فقال الرجل : إني لست إياك أسأل، إنما أسأل الشيخ، فقال عبد الله : لعلك ترى أني سآمرك أن تذهب فتقتلهم عظهم وانههم، فإن عصوك فعليك بنفسك، فإن الله عز وجل يقول : {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم}.
وقال سعيد بن المسيب : إذا أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، فلا يضرك من ضل إذا اهتديت(2).
وعن زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا يقول : “لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا” وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها. فقلت : يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال : “نعم إذا كثر الخبث”(متفق عليه).
قال ابن بطال رحمه الله تعالى : وقد ثبت أن خروج يأجوج ومأجوج من آخر أشراط الساعة(3).
ومعناه إذا ظهر من الفتن الشديدة ما يشبه أشراط الساعة الكبرى، فحينئذ على المرء بخاصة نفسه، فهذه مناسبة الحديثللباب والله أعلم لأن يأجوج ومأجوج فتنة عارمة جارفة، فعن حذيفة مرفوعا” يأجوج أمة ومأجوج أمة، كل أمة أربعمائة التي لا يموت أحدهم حتى ينظر إلى ألف رجل من صلبه كلهم قد حمل السلاح، لا يمرون على شيء، إذا خرجوا إلا أكلوه ويأكلون من مات منهم”(4).
وهم في عددهم هذا وكثرة إفسادهم بالقدر الذي لا يطاق معه التغيير، يقول ابن حجر رحمه الله تعالى : يأجوج ومأجوج هذه الأمة بالنسبة إليهم نحو عشر عشر العشر، وأنهم من ذرية آدم ردا على من قال خلاف ذلك(5).
فإذا أدرك المسلم مثل هذا الشر فعليه بنفسه، وإلا ففرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قائم لا يسقطه شيء.
قال ابن قتيبة : والخبث الفسوق والفجور، والعرب تدعو الزنا خبثا وخبيثة.
———
1- التفسير ج 3، ص : 1260
2- الطبري ج 3 ص 96 وابن كثير شرح الآية.
3- ابن بطال ج 10 ص 9.
4- رواه الحاكم.
5- الفتح 8 ص 476.