تابع الندوة وأعد التقرير : أسماء خبطة
في إطار أنشطتها الثقافية، وتخليدا ليوم اللغة العربية الذي يصادف فاتح مارس من كل سنة، نظمت الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية فرع فاس، الملتقى الوطني الرابع للغة العربية في موضوع حماية اللغة العربية مسؤولية الفرد والمجتمع.
وقد احتضنت قاعة قصر المؤتمرات برحاب مدينة فاس هذا الملتقى يومه الجمعة 25 ربيع الثاني 1434 هـ الموافق ل 8 مارس 2013م.
هذا، وانتظم الملتقى في ثلاث جلسات، مبتداها الجلسة الافتتاحية تحت رئاسة الدكتور أحمد العلوي العبدلاوي رئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية فرع فاس، تناول الكلمة فيها، بعد تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، الدكتور السرغيني فارسي رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أكد فيها على مسؤولية الجامعة في خدمة اللغة العربية، مبرزا أهمية الاحتفال بالعربية، وضرورة إسهام المجتمع في حفظ مكانة العربية من خلال جعلها لغة التداول الرسمية. بعد ذلك تناول الكلمة العلامة الأستاذ عبد الحي عمور رئيس المجلس العلمي المحلي بفاس، الذي نوه في البداية بجمعية حماية اللغة العربية، وأثنى على عملها الدؤوب في سبيل حماية لغة القرآن، معتبراً حفظ العربية حفظا للقرآن. بعد ذلك تناول الأستاذ محمد الملوكي نائب رئيس مجلس مدينة فاس كلمة دعا فيها إلى ضرورة فتح حوار حول ذاتنا اللغوية، فهي أساس وجودنا، وجوهر هويتنا، كما أكد على ضرورة تعميم التحدث بها في الحياة العامة، كدليل على اعتزازنا بلغتنا. كما تناول الكلمة الدكتور موسى الشامي الرئيس الوطني للجمعية الوطنية لحماية اللغة العربية، حيث أكد على أن وضعية اللغة العربية عرفت تحسنا ملحوظا مقارنة بما كانت عليه قبل خمسين سنة، كما عبر عن تفاؤله بأن اللغة العربية ستستعيد مجدها التليد بحول الله تعالى.
وفي ختام الجلسة الافتتاحية تناول الكلمة مسير الجلسة الدكتور أحمد العبدلاوي لافتا الانتباه إلى خطورة تهميش العربية، وضعف الوعي بأهمية حمايتها، كما أشار إلى بعض أنشطة الجمعية في سبيل النهوض بمكانة اللغة العربية، من قبيل هذه الملتقيات التي تنظم كل سنة.
ولقد انطلقت الجلسة العلمية الأولى بمحاضرة للدكتور عبد الحق المريني تحت عنوان : “نظرات على مسار اللغة العربية بالمغرب” وقد كانت محاضرته بمثابة مدخل للعروض اللاحقة، باعتبارها وضعت إطارا عاما لموضوع الملتقى. وهكذا أبرز الأستاذ المحاضر انتماء اللغة العربية للغات السامية، باعتبار مكانتها التاريخية، إذ لا مجال للتقليل من شأنها، أو انتهاك حرمتها، وذكر في هذا الصدد بقولة عمر بن الخطاب : “تعلموا العربية فإنها من دينكم” كما ذكر بقول ابن تيمية : “العربية لغة دينكم”، كما أكد على أنه لا يمكن فهم القرآن دون إتقان اللغة التي نزل بها، وهي العربية، كما ذكر بإحصاءات حديثة تشير إلى أن هناك أزيد من مليار ونصف من سكان العالم يتحدثون العربية، ورغم توسع دائرة العامية على اختلاف لهجاتها إلا أنها لا تستطيع أن تقوم مقام العربية الفصحى، باعتبار هذه الأخيرة أداة للنهوض بالثقافة، ووسيلة أساسية في التعليم والتعلم، وربط الأجيال بالهوية الإسلامية، كما أكد أن العربية لا زالت في حاجة إلى مجامعها، انطلاقاً من الدور الهام الذي تؤديه تلك المجامع في تطوير علوم العربية، وحماية مكانتها في أوساط الأمة الإسلامية.
بعد حفل شاي التأمت الجلسة العلمية الثانية والأخيرة برئاسة الأستاذ عبد الحي الرايس، حيث تناول الكلمة الدكتور عبد النبي الدكير من كلية الآداب مكناس، في موضوع : “أمانة حماية العربية، أدب التحمل وحسن الرعاية”، أبرز فيه ارتباط العربية بالأمن الروحي والنفسي للأمة، كما أنها مرتبطة بالأمانة لما لها من ثقل خاص، خاصة عند النظر إليها من زاوية دلالتها الصرفية، والحماية على وزن فِعالة، وهي صناعة، حيث تصبح هذه هي حرفتها التي تعيش بها ولها وعليها. على أن الرعاية تكون بالحب والتحبب، إذ لا بد من التحرر من التغرب على أن حماية العربية أمانة تدعونا لنكون على كلمة سواء، كما لفت الأستاذ المحاضر إلى أن أزيد من 45% من اللغة الفارسية واللغة التركية كلماتها عربية، كذلك أبرز أن الانتساب إلى العربية هو انتساب قلبي وروحي يتعلق بلغة القرآن الكريم.
بعد ذلك تناول الكلمة الدكتور موسى الشامي في موضوع : “وضع العربية وضرورة حمايتها”، حيث أبرز أن الحديث عن حماية العربية يفترض أنها مهددة، وهي مهددة أساسا من أبنائها بسبب التهميش الذي يلحقها في المعاملات الإدارية، وكذلك في التداول اليومي، وهنا أكد الأستاذ المحاضر على أن أول من يقع عليه عبء حماية العربية، هو الدولة من خلال إيلاء الأهمية اللأئقة بها كلغة رسمية للبلاد، وذلك عبر تبويئها مكانة الأولوية في التعليم بكل شعبه وتخصصاته، وكذا جعلها لغة رسمية في الإدارة والاقتصاد وكل مجالات الشأن العام. كما دعا في ختام كلمته إلى ضرورة توحيد الجهود على مستوى العالم العربي من خلال تأسيس مجمع لغوي واحد موحد على مستوى العالم.
وفي ختام الجلسة الثانية والأخيرة تناول الكلمة الدكتور أحمد العلوي العبدلاوي في موضوع : “دور شعب اللغة العربية في التمكين للغة”، بين فيها أن اللغة تتجاوز كونها أداة للتواصل، بل هي علامة الوجود، وهي عماد من أعمدة الأمة الإسلامية، باعتبار أن الأمة تتأسس على ركيزتين : وحدة العقيدة -وحدة اللغة- كما أبرز الأستاذ المحاضر دور الجامعة في حماية العربية، خاصة إذا توفرت على أساتذة أكفاء، وطلبة مهتمين ومتفوقين، وقد اقترح في هذا الصدد إقرار شروط للقبول بسلك العربية، من خلال إجراء مقابلات شفوية مع الطلبة للوقوف على كفاءتهم في العربية ومدى قدرتهم على مسايرة الدراسة بمسلك العربية، كما اقترح تجنب التكلم بغير الفصحى داخل فصول الدراسة، وفي ختام كلمته دعا الأستاذ العبدلاوي إلى ضرورة الرفع من ساعات تدريس العربية في جميع أسلاك التعليم، كما دعا إلى ضرورة تنظيم ندوات وورشات تطبيقية، وتدشين محترفات الكتابة، مع تخصيص منح تحفيزية للمتفوقين، كلها مبادرات من أجل حماية العربية والرفع من مكانتها داخل المجتمع.
وقد أعقبت الجلسة العلمية الثانية مناقشة عامة، تناول فيها المتدخلون عددا من المقترحات تخص النهوض بأوضاع العربية.
وجدير بالذكر أن الملتقى عرف حضورا هاما من أساتذة مهتمين وطلبة باحثين كما عرف تغطية إعلامية متميزة.