إن فنّ القصص فنٌّ رائق رفيع، يحقّق التشويق والإمتاع، ويحذب أنظار القارئ إلى الفكرة، والعبرة، كما هو وسيلة ناجعة في التعليم والتربية والتوجيه السديد، ونجد الرسول صلى الله عليه وسلم يتخذ من القصة أسلوباً مهمّاً من أساليب الدعوة، وفوق ذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتلقى طلباً من الصحابة وغيرهم بأن يقصّ عليهم. إن القصة التي هي من نوع الفن الأدبي، تتكامل عناصرها بعضها مع بعض، فتنجز ذلك العمل القصصي الرائع، تظهر فيها المشاهد حية، نابضة، وتتسم فيها المواقف بانفعالات خاصة، ونجد فيها الوصف الدقيق للحالة النفسية، وهذا ما لا تحققه القصة التي هي من نوع السرد والإخبار، مع تفاوت في ذلك من قصة إلى أخرى. فلو نظرنا مثلا إلى شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال رواية (نور الله) لنجيب الكيلاني لوجدنا أن الكاتب تناولها من حيث أثر الرسول صلى الله عليه وسلم في نفوس أصحابه وحبّه لهم وحبّهم له. وتناول الجوانب المضيئة في حياة الرسول، من ذلك الشورى وعدم الاستئثار بالرأي، وحسن القيادة، والحضور في مقدمة الصفوف، مما كان له تأثير بالغ على نفوس من حوله. وينقل الكاتب قول عمر بن الخطاب في الجزء الأول – وهو يعيش حالة الحيرة والتفكير في أمر محمد -: “لقد سُحتُ في شتى أنحاء الأرض، قابلت الملوك والحكماء، وناقشت النصارى والمجوس، وسمعت الكثير من الرهبان والكهّان وأحبار اليهود .. كلهم كانوا يعيشون في عالم ضيق مغلق أعمى .. برغم صدقهم في بعض ما يقولون .. لكنّ محمداً شيء آخر، أرى في عينيه صفاء الأطهار، وعلى وجهه عزيمة الرجال الأحرار، وعلى ملامحه السمح نور الله..”.
د. أحمد طاهر أبو عمر مدير تحرير مجلة الفرقان – الأردن