يقف سيدنا يوسف \ أمام أعظم فتنة يواجهها الرجال، وقد تجمع مع هذه الفتنة جميع عوامل اقتراف جريمة الزنا، ولكنه \ صمد صمود الجبال الراسيات عندما تهب في وجهها الرياح العاتية.. فمن الذي منعه؟ لقد ذكر الله تعالى سبب هذا المانع بقوله: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}(يوسف : 24)، فما هذا البرهان الذي منعه من اقتراف جريمة الزنا؟ لقد اختلف المفسرون في معنى هذا البرهان بين قائل بأنه >رأى صورة سيدنا يعقوب \ عاضاً على أصبعه بفمه<، وقائل يقول: إنه +رأى في سقف البيت الآية: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً}(الإسراء : 32). وقيل: إن >البرهان هو خيال سيده حين دنا من الباب<، وغيره من الأقوال.. إلا أن الراجح مع مقام النبوة، وأخلاق النبي، بأن البرهان في حقيقته لم يذكر في حديث صحيح، ولا قول معتمد، ولذلك فإن المانع ليوسف \، هو ما يمنع كل مؤمن من عمل الحرام، ألا وهو الخوف من الله والحياء منه، لأنه المانع الأقوى لكل ما حرم الله تعالى، ويؤكد ذلك ما جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وذكر أحدهم: >ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله
عبد الحميد البلالي