القيم الإسلامية هي كل متداخل ومترابط من المبادئ التصورية والعملية والمعايير التي تحدد تصور الإنسان للخالق والمخلوق، وتصحح سلوكاته وتصرفاته مع ربه ونفسه والغير، وهي معايير ربانية شمولية لتدبير الحياة في مختلف مجالاتها الاجتماعية والسياسية والفكرية والاقتصادية والفنية، والبيئية والكونية.. وبهذا فالقيم الإسلامية ليست إلا الدين الإسلامي في كلياته وجزئياته، ومن ثم فهذه القيم هي فلسفة هذه الأمة التي تعكس نمط تصورها للوجود والحياة والإنسان والمصير، ولا توجد القيم في معزل عن الدين وأصوله الإيمانية، وضعف القيم وقوتها متناسب طردا وعكسا مع درجة حرارة الإيمان داخل الفرد والمجتمع ، وليست الحرب على القيم الإسلامية إلا حربا على هذا الدين الذي ارتضاه لهذا الإنسان رب العالمين. لم يسبق للأمة الإسلامية في تاريخها أن عرفت ضعفا وانحطاطا في التزامها بقيمها، وانهزاما نفسيا في الإيمان و التشبث بها، والاعتزاز بإقامتها والاستقامة عليها، والقيام بها والدعوة إليها مثلما هي عليه الآن؛ لقد تشوهت منظومة القيم الإسلامية وضعف التشبث بها بله الدعوة إليها، وضعف الذوق القيمي لتمييز القيم الأصيلة من القيم الدخيلة، والقيم الفاضلة من القيم السافلة… ولم يسبق للأمة أن عاش أبناؤها جهلا بدينهم وقيمهم مثلما هو حالها اليوم، جهل ولد الإعراض عن دين الله والصدود والصد عنه. ولم يسبق للأمة أن أهملت أبناءها وتركتهم نهبا للغزو الثقافي والانحلال الخلقي، ومعاكسة الدين والمجاهرة برفض قيمه وشرائعه، وقيادة حملة التشكيك في أصوله وقطعياته، وتسفيه المؤمنين به والتشهير بهم لا لشيء إلا لأنهم {قالوا ربنا الله ثم استقاموا} مثلما فعلت اليوم. إن الواقع الهش الذي صار إليه حال قيمنا فينا يرجع بالأساس إلى هشاشة الإيمان، وهشاشة الإيمان راجعة إلى ضعف العلم الشرعي الذي هو إفراز طبيعي لضعف التعليم و المؤسسات التربوية التعليمية ؛ إذ الوهن دب في الأمة يوم داخل إيمانها الضعف، ويوم انفصل الإيمان عن العمل، ويوم انصرفت المؤسسات التعليمية عن الأصول والتربية على قيم الوحي، إلى تعليم الفروع والتربية على قيم الفهوم البشرية التي صارت وسائط بين الإنسان وربه، وبين الإنسان والوحي، وازدادت الفجوة في المرحلة الراهنة حين صارت مؤسسات التربية والتعليم والإعلام وسائر مؤسسات المجتمع المسلم، أدوات لإبعاد الأمة عن دينها وإضعاف مناعتها الإيمانية والقيمية. إن السهام التي توجه إلى قيم الأمة اليوم إنما غرضها إصابة الأمة في مقتلها والتعجيل بموتها الحضاري؛ إذ لا بقاء لهذه الأمة إلا ببقاء قيمها، ولا بقاء لهذه القيم إلا بتجديد الإيمان والتدين، ولا سبيل لهذا التجديد إلا ببعث مؤسسات الأمة على أسس إسلامية ومقاصد شرعية وقواعد مرعية، وتعميم التعليم الشرعي الذي به ترتفع الجهالات وتنمحي الضلالات وبه تستعيد الأمة وعيها بذاتها وبرسالتها، وبه يتقوى جهاز مناعتها وحصانتها. فالبدار البدار الى التوبة النصوح {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب}.