….. تنبه الإعلام الغربي المتصهين ومن ورائه صناع القرار إلى حقيقة صادمة مفادها أن الشعوب الغربية بدأت تكشف زيف وكذب تلك الصورة النمطية التي صنعها إعلامهم عن الإسلام والمسلمين طيلة عقود من الزمن. بدأت هذه الشعوب تكتشف أن الحكومات ذات التوجه الإسلامي الصاعدة من رحم الربيع العربي أكثر نضجا وديموقراطية واستقامة من العديد من حكوماتهم… وأنهم أبعد الناس عن الإقصاء والاستبداد والديكتاتورية… وأنهم أكثر الناس حرصا على تنمية بلدانهم وإقامة علاقات مبنية على حسن الجوار وإشاعة ثقافة التعايش السلمي والتعاون والاحترام المتبادل بين جميع شعوب الأرض. كما لاحظت أيضا بوادر خير واستقرار سياسي واجتماعي في بلاد مصر بالخصوص بالرغم من العوائق والمثبطات الكثيرة التي توضع في الطريق من قبل أعداء الأمة في الداخل والخارج على حد سواء، وفي استقرار مصر تهديد لاستقرار الكيان الصهيوني وعودة الحق لأهله وبدء حقيقي للعد العكسي لجلاء الصهاينة عن أرض فلسطين الحبيبة، وتتزايد هذه المخاوف فعلا مع اقتراب الانفراج السوري وسقوط النظام البعثي النصيري العميل للصهاينة في المنطقة، ولقد عبر رئيس المخابرات الصهيوني السابق عن هذه المخاوف صراحة قبل فوز مرسي في مصر عندما قال: “إذا نجح الإسلاميون في مصر وسقط نظام بشار الأسد فسوف لن تكون هناك حروب بيننا وبين العرب لأننا بكل بساطة سنجمع حقائبنا ونرحل” وهذا ما يحدث فعلا، فقد رصدت العديد من الدراسات الجادة موجة كبيرة من الهجرة المعاكسة وعودة العديد من الأسر اليهودية إلى المواطن التي جاؤوا منها أصلا خاصة أمريكا وأوروبا الشرقية. لوحظ ذلك كذلك من خلال تصريحات العديد من القادة الصهاينة وآخرها تصريحات (ناتانياهو) والذي لم يستطع إخفاء انزعاجه عندما صرح لوسائل الإعلام :”نشعر بالقلق لعدم نطق الرئيس مرسي بكلمة (إسرائيل) منذ انتخابه”. لوحظ ذلك أيضا من خلال الإقبال المتزايد على اعتناق الإسلام من قبل النخب المثقفة ومشاهير عالم الرياضة والفن من أبناء الشعوب الغربية مع تزايد بناء المساجد والمراكز الإسلامية وانتشار لباس الحجاب والنقاب بين فتياتهم. كل هذه المتغيرات والمستجدات المتسارعة أرعبت صناع القرار في الغرب فراحوا يجيشون إعلامهم وعملاءهم في كل مكان من البلاد الإسلامية والعربية من أجل إعادة تلك الصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين عن طريق نشر الفوضى والاضطرابات وإثارة النعرات والصراعات الإثنية والثقافية والدينية بين مكونات المجتمع الواحد بغية تفجيره من الداخل، أما الهدف المنشود فهو إخافة المستثمر الغربي وغير الغربي حتى لا يستثمر في بلاد المسلمين، وإرعاب السائح كذلك حتى لا يفكر في الذهاب إلى هذه الدول نظرا لانعدام الأمن والاستقرار فيها والبقية تعرفونها… وهكذا بدأت الآلة الإعلامية الضخمة في الاشتغال من جديد وإن بوتيرة أسرع من الأولى، بدأ من الرسوم المستهزئة برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وما واكبها من الزج بجيش عرمرم من المأجورين والبلطجية ومثيري الشغب ليفسدوا أهداف المسيرات السلمية المنددة بالرسوم . فهاجموا سفارات الدانمرك والنرويج وأحرقوا أعلامهما أمام كامرات العالم وعمت الحرائق كل مكان واكتملت الصورة وتحقق الهدف فابتهج الكيان الصهيوني ومن معه بتوحيد الشعبين النرويجي والدانماركي وحكومتيهما ضد العرب والمسلمين لأنهما كانا من أكثر الشعوب والحكومات الغربية تعاطفا مع القضايا العربية والإسلامية خاصة القضية الفلسطينية. نفس السيناريو يتكرر هذه الأيام -وإن بشكل أكثر احترافية- مع ظهور فيلم (براءة المسلمين) المسيء للإسلام ولرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم. فقامت المظاهرات في العديد من العواصم الإسلامية وزج- كما في المرة السابقة- بآلاف البلطجية ومثيري الشغب داخل هذه المظاهرات…. حوصرت السفارة الأمريكية في بنغازي وأضرمت فيها النيران وقتل السفير الأمريكي وأربعة من مساعديه. نفس المظاهرات قامت في القاهرة وثبتت كامرات الإعلام الغربية والمصرية على السفارة لنقل الأحداث حوله على مدار الساعة مع التركيز على لهيب هنا وهناك مع تضخيم عدد المتظاهرين بالرغم من قلتهم مع إضافة عمليات كر وفر بين رجال الأمن والمحتجين بشكل متكرر ومتعمد. نحن كمسلمين ضد اقتحام السفارات وقتل السفراء أو أي أحد بها ولو كان بستانيا بسيطا. فالسفراء وغيرهم من رعايا الدول الأجنبية مستأمنون في بلادنا ولهم على ذلك عقود وعهود فلا يجوز الإساءة إليهم لأي سبب من الأسباب .فديننا الحنيف قد أمرنا بذلك، قال الله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}… ثم دعونا نتساءل لمصلحة من قتل السفير ومن معه واحرقت الأعلام والبنايات أمام كامرات العالم؟؟؟؟ ألم تكن أجهزة المخابرات الأمريكية -وهي تعلم ما يأكل الناس في بنغازي وما يدخرون في بيوتهم- ألم تكن على علم دقيق بانعدام الأمن والاستقرار في بلد كليبيا المفتوحة على مصراعيها على جميع الحدود الإفريقية التي تنشط فيها جميع الحركات الإرهابية وتجار الأسلحة والمخدرات وكل الدواهي والمصائب. ألم تكن هذه المخابرات تعلم بأن السلاح في بنغازي يباع ويشترى كما يباع رغيف الخبز وربما أهون… فلماذا إذن تركت السفير ومساعديه في قلب السفارة ولم يتم نقلهم إلى أماكن آمنة وهم يعرفون جيدا تداعيات نشر الفيلم المسيء للمسلمين على الشارع الليبي الهش أمنيا وسياسيا واجتماعيا… أم أن وراء الأكمة ما وراءها وأنه أمر دبر بليل حالك الظلمة لضرب عصفورين بإعلام واحد. 1- تخويف الغربيين وتنفيرهم من الإسلام والمسلمين وتشويههم وتشويه دينهم أمام الرأي العام الغربي في محاولات يائسة للحد من انتشار هذا الدين الحنيف بين الشباب والنخب الغربية. 2- محاولة إغراق سفينة الرئيس البئيس أوباما وهي تمخر عباب الانتخابات الرئاسية المتلاطمة الأمواج حيث كل الوسائل مباحة حتى وإن كان رأس السفير الأمريكي ومساعديه؟؟؟؟ ذ. عبد القادر لوكيلي