> عاشرا : هذيل بن حفصة: عن هشام، قال: كانت حفصة تترحم على هذيل، وتقول: كان يعمد إلى القصب فيقشره ويجففه في الصيف، لئلا يكون له دخان، فإذا كان الشتاء جاء حتى قعد خلفي وأنا أصلي، فيوقد وقوداً رفيقاً ينالني حره ولا يؤذيني دخانه، وكنت أقول له: يا بني، الليلة اذهب إلى أهلك، فيقول: يا أماه أنا أعلم ما يريدون، فأدعه فربما كان ذلك حتى يصبح. وكان يبعث إلي بحلبة الغداة، فأقول، يا بني تعلم أني لا أشرب نهاراً فيقول: أطيب اللبن ما بات في الضرع، فلا أحب أن أؤثر عليك، فابعثي به إلى من أحببت. فمات هذيل، فوجدت عليه وجداً شديداً، وكنت أجد مع ذلك حرارة في صدري لا تكاد تسكن. قالت: فقمت ليلة أصلي، فاستفتحت النحل، فأتيت إلى قوله تعالى: {ما عِندَكُم يَنفَدُ وَما عِندَ اللَهِ باقٍ وَلنَجزِيَنَّ الَّذينَ صَبَروا أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلُون} فذهب عني ما كنت أجد(1).
> الحادي عشر: ظبيان بن علي الثوري عن ظبيان بن علي الثوري -وكان من أبر الناس بأمه- قال: لقد نامت لليلة وفي صدرها عليه شيء، فقام على رجليه يكره أن يوقظها، ويكره أن يقعد، حتى إذا ضعف جاء غلامان من غلمانه، فما زال معتمداً عليهما حتى استيقظت، وكان يسافر بها إلى مكة، فإذا كان يوم حار حفر بئراً، ثم جاء بنطع فصب فيه الماء، ثم يقول لها: ادخلي تبردي في هذا الماء(2).
> الثاني عشر: عون بن عبد الله عن عون بن عبد الله، أنه نادته أمه فأجابها، فعلا صوته، فأعتق رقبتين(3).
> الثالث عشر: ابن عمر بن ذر وبلغنا عن عمر بن ذر أنه لما مات ابنه قيل له: كيف كان بره بك؟ قال: ما مشى معي نهاراً إلا كان خلفي، ولا ليلاً إلا كان أمامي، ولا رقد على سطح أنا تحته(4).
> الرابع عشر: رجل من بني إسرائيل عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم حتى أووا المبيت إلى غار فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار فقالوا إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فقال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا، فنأى بي في طلب شيء يوما فلم أرح عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين وكرهت أن أغبق قبلهما أهلا أو مالا، فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر، فاستيقظا فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج(5).
> الخامس عشر: الهدهد قال عكرمة: إنما صرف الله سليمان عن ذبح الهدهد أنه كان بارا بوالديه، ينقل الطعام إليهما فيزقهما(6). فانظر -رحمك الله- من أي هؤلاء البررة أنت؟ أم تراك نُسّيت أن لك أبوين حيين أو ميتين، وأن لهما عليك أن تبرهما وتحسن إليهما؟
ذ. امحمد العمراوي من علماء القرويين amraui@yahoo.fr
——
1- 4- بر الوالدين لابن الجوزي 1/6.
5- رواه البخاري ومسلم
6- الجامع لأحكام القرآن