ْ بَنَتْ حياتها على أحلام أرادت تحقيقها مهما كلفتها من عناء، فرفضت الاعتراف بواقعها الذي لا يسمح للفتاة أن تُصبح طالبة علم، و أقنعت نفسها أن مصيرها لن يكون يوما كمصير قريناتها من الفتيات؛ لما عرفته مسيرتها من تفوق دراسي تعدت جغرافيتها القرية التي تنتمي إليها. عَشَّشَتْ في قلبها سُحب كَثِيفَةٌ من الأمل، و لم تظن يوما أن أحلامها سَتُوأَدُ في مهدها، وسَتُصْبِحُ هي بدونها غريبة مَنْسِيَة وسط طريق محدود الأفق؛ بعد أن قفزت وطارت في السماء كطائر ظل صامدا أمام الرياح ليصل إلى مُبتغاه في المُستقبل الذي اقترب منها قاب قوسين أو أدنى. في طريقها نحو المَنْزِل كانت السعادة تشِعُّ من كيانها؛ لما تَحْمِلُهُ مِنْ أخبار نتائجها الدراسية السارة لوالديها (ممتاز)؛ وما إن وصلت حتى رأت كل أفراد عائلتها مُجْتَمِعِين كأن سِرَّهَا سبقها إليهم؛ غيرت ملابسها واتجهت نحو المطبخ لتشرب كوب ماء بارد تروي به ظمأ (اثنا عشر سنة من التلمذة)، وعند دخولها بيت الضيافة تفاجأت بالنظرات والابتسامات التي تلقتها من الجميع؛ حتى أربكتها الدهشة نَاسِية أمر نجاحها. فسألت أمها عما يجري؛ لكن، عوض أن تجيبها والدتها أجابها ما سمعته من والدها-الذي لم يَعْتَدْ المُكوث في ذلك الوقت بالبيت- بعد أن فتح الباب الذي كان يُطْرَقُ، وقال: (امْرْحْبَا بِيكُمْ الدَارْ دَارْكُمْ). نظرت إلى أبيها فرأت إشراقة رضا في وجهه شَلَّتْ قِواها، وغَلَََّقت الأبواب في وجهها؛ لتحول حياتها إلى قطعة موسيقية صامتة مليئة بالحزن والكمد. ماذا عساها تقول إن كان قدرها أن تجعل لحياتها عنوانا جديدا غير الذي كانت تسعى له في كبد!؟
> التلميذة : فاطمة عاقيل(2 باك آداب)