أول لقاء جمعني بعبد اللطيف الحجامي -وهو يومها حديث التخرج من مدرسة الهندسة المعمارية- كان في سنة 1976 عند المحكمة القديمة في باب الحديد بالقرب من البطحاء حيث كان فريق اليونيسكو يقيم منذ 1975، والمكلف بتطوير التصميم المديري لمدينة فاس القديمة.
عملت بشكل وثيق مع الشهير تيتوس بوركهارد. وبالنسبة لنا فلقد كان التصميم المديري تلك الفرصة التي كنا نحلم بها باعتبار أن المدينة ليست فقط كشاهد ذا قيمة على ماض عريق، وإنما أيضا كتراث حي، قادر على إلهام نهضة ثقافية حديثة على المستوى الحضري.
وقد وجدنا يومها في عبد اللطيف الحجامي ذلك الشاب المتحمس والقادر على الدفاع بقوة عن هذه الفكرة ضمن فريق غير متجانس وبعض أعضائه من لا يؤمن أصلاً بمستقبل المدينة.
ثم الانتهاء من إنجاز التصميم المديري سنة 1978 إلا أن تفعيله ظلتائها لبعض الوقت بين المتاهات الإدارية لبعض الوزارات. فيما بعد أخذت خلية الإنقاذ مع الوكالة للتخفيف من الكثافة السكانية وإنقاذ مدينة فاس ADER المشعل. إن نمو هذه المؤسسات المحلية يعود الفضل الكبير فيه لتفاني وروح المبادرة وقوة الاقناع التي كانت كلها مجتمعة في عبد اللطيف الحجامي لم يكن عبد اللطيف الحجامي فقط رائداً في إطلاق مشاريع اليونسكو والبنك الدولي من أجل تحسين الظروف المعيشية لسكان المدينة القديمة وإنما كذلك المحرض الرئيسي لعقد الشراكة مع العديد من الشخصيات المغربية والذين انخرطوا في عملية تمويل عدد من الترميمات لمآثر تاريخية ذات أهمية قصوى…
بعد 1979 قادني مشواري المهني إلى دول أخرى كسوريا ومصر والباكستان. ولذلك فقد تقلصت فرص لقائي بعبد اللطيف الحجامي ولكني بقيت دائما محافظا على صداقة كبيرة مع عبد اللطيف إضافة إلى احترام عميق لتفانيه المهني بصفته رائداً لقضية مشتركة ربطت بين قلوبنا.
إن وفاته المفاجئ أحزنتني كثيرا.
أتقدم بأحر التعازي لفقدان رجل لولا جهوده لما كانت مدينة فاس كما هي عليه اليوم. لتهدأ روحه في السلام.
الدكتور ستيفانو بيانكا
مؤسسة الآغاخان -سويسرا..
ترجمة : ذ. عبد القادر لوكيلي