كلمة د. عبد الرحيم الرحموني مدير معهد الدراسات المصطلحية اعتبرت المؤتمر:
- ثـمـرة لـبـذور علمية سـابـقـة بذرها معهد الـدراسـات الـمصطلحية
- يحـمـل سمة خــاصة تجعله تــاج الـمـؤتـمــرات وشــامـة الـنـدوات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أصحاب الفضيلة العلماء
السادة الأساتذة الأجلاء
ضيوفنا الأعزاء
أيها الحضور الكرماء
يسرني أولا، باسم الأعضاء المنتمين لمعهد الدراسات المصطلحية التابع لكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس، أن أرحب بالضيوف الكرام الذين أمّوا من كل حدب وصوب العاصمة العلمية للمملكة، من أجل المشاركة في هذه الندوة العلمية المباركة أو حضورها ومتابعة أعمالها، راجيا لهم مقاما طيبا بين جنبات هذه المدينة المحروسة بعناية الله تعالى، العبقة بأريج التاريخ وشذى الحضارة الإسلامية، وعطر الماضي العلمي العريق، مستحضرين ما قاله مؤسسها العبد الصالح إدريس بن إدريس بن عبد الله:
“اللهم إنك تعلم أني ما أردت ببناء هذه المدينة مباهاة ولا مفاخرة، ولا رياء، ولا سمعة، ولا مكابرة، وإنما أردت أن تعبد بها، ويتلى بها كتابك، وتقام بها حدودك، وشرائع دينك، وسنة نبيك ما بقيت الدنيا…”.
وكأن هذه المؤتمر العلمي المبارك، الذي نشهد افتتاحه اليوم بعض القطوف الدانية من دوحة هذا الدعاء المبارك الخالد، ذلك أن المعهد الذي عمل منذ تأسيسه على تنظيم الندوات والمؤتمرات والأيام الدراسية والدورات التدريبية، فضلا عما قام به أعضاؤه من إشراف على بحوث أكاديمية من مختلف المستويات والدرجات العلمية، كان عنده موضوعُ القرآن الكريم وعلومه حاضرا في كل أنشطته؛ فلقد تم تحقيق عدة تفاسير في غاية الأهمية، ودُرستعدة مصطلحات ومفاهيم أساسية، وفُصلت بعض مظاهر إعجازه البيانية، وجلي جانب من أسراره الأسلوبية. ولئن كان هذا المؤتمر هو الأول من نوعه، فإنه يمكن القول إنه جاء ثمرة لبذور سابقة، سبق أن بذرها بعض أهل الخير من مؤسسي المعهد الذي احتضن هذه البذرة قبل سنتين تقريبا، وكانت تحت عنوان “الملتقى الوطني للباحثين في القرآن الكريم ومصطلحه”، وذلك في سياق مشاريع البحث الذي كان المعهد قد سطرها ووضع نصب عينيه تحقيقها.
أيها السادة الكرام،
إن الأنشطة السابقة الذكر ما كانت لتتم -بعد فضل الله عز وجل وعونه- لولا الجهود المضنية التي بذلها وما زال يبذلها أعضاء المعهد مستميتين، ولولا ذلك التعاون الذي كان يجده من المؤسسات الجامعية المغربية من كليات ومعاهد ومدارس، وكذلك بعض المؤسسات الرسمية الوطنية فضلا عن بعض الهيئات الدولية كالمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، (الإسيسكو)، ومنظمة الصحة العالمية، والمعهد العالمي للفكر الإسلامي، وغير ذلك. وها هو المعهد يلتقي اليوم في هذا الملتقى، بتنسيق مع مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، بهيئة وطنية علمية أصيلة تمثل أصالة المغرب وبعده العلمي الشرعي، إنها الرابطة المحمدية للعلماء، وبأخرى عالمية ما فتئت تبرهن بشكل علمي وعملي عن الأسرار الكامنة في كتاب الوحي المقروء لتجعله ماثلا في كتاب الوحي المنظور، إنها الهيئة العالمية للإعجاز في القرآن والسنة، يلتقي مع هؤلاء جميعا من أجل تنظيم هذا المؤتمر العالمي الأول في موضوعه المعلوم.
ولذلك نقول إنه إذا كانت الندوات والمؤتمرات السابقة قد تناولت قضايا المصطلح وقضايا المنهج بصورة أساسية في مختلف العلوم، بدءاً من العلوم الأدبية واللغوية، ثم الإنسانية، ثم العلوم الدقيقة بصورة عامة، ثم الطبية على وجه الخصوص، مع الوقوف عند العلوم الشرعية طبعا، فإن هذا الملتقى يحمل سمة خاصة يجعله تاج المؤتمرات وشامة الندوات، كيف لا واللقاء فيه على مائدة القرآن الكريم، ذلك الكتاب الذي أخرج الناس من الظلمات إلى النور، وبنى الحضارة الإسلامية الإنسانية على أساس راشد قوامه العلم والعدل والتوحيد، فكانت العلوم المنبثقة عنه أولى العلوم نشأة، وأوثقَها عرىً، وأوسعَها انتشارا، وأكثرَها نُضجا، وأجمعَها معرفة، وأدقَّها منهجا، وأكثرَها بركة، وأبرزَها تنوعا.
أجدد ترحيبي بأصحاب الفضيلة العلماء، والسادة الأساتذة الباحثين، والضيوف الكرام، وأشكر لهم ما تجشموه من عناء السفر من أجل حضور هذه المأدبة العلمية المباركة، داعيا الله تعالى أن يتقبل منهم خطاهم، ويتجاوز عن خطاياهم، ويجعل ذلك كله في ميزان حسناتهم، وأن يشملنا جميعا ببركة القرآن.
كما أشكر جميع المتعاونين الذين بذلوا جهودا مضنية في سبيل إنجاح هذا الملتقى، ممن ذكرت صفاتهم في برنامج المؤتمر، وممن سهلوا صعابا اعترضت من سلطات محلية، ومجلس بلدي، ومدير المركب..
إلى هؤلاء جميعا كل الشكر والتقدير
والسلام عليكم ورحمة الله
د. عبد الرحيم الرحموني مدير معهد الدراسات المصطلحية