على مدى عقود من الزمن طبق أبو رقيبة وخلفه ابن علي مبادئ العلمانية بكل ما أوتوا من قوة مستمدة من الغرب الحاقد على الإسلام ومبادئه، كيف لا وهم من أكبر دعاة القومية الذين اعتبروا الإسلام تهديداً للدولة، ووصفوا الحجاب بالخرقة البغيضة، وصادروا ممتلكات الحركات الإسلامية، وأغلقوا المحاكم الشرعية، وكرسوا قوانين الأحوال الشخصية العلمانية، هكذا كان أبو رقيبة وما لم أكتبه أعظم، أما “زين الهاربين” -كما يسميه التونسيون في عهد الحرية هذا- فقد كان شر خلف لشر سلف لأنه :
> حرم المحجبات من التعليم وتولي الوظائف والاستفادة من الخدمات العامة إلى درجة أن المرأة المحجبة تمنع من دخول مستشفيات تونس للعلاج، وأمر رجال الشرطة بنزع حجابها وإجبارها على التوقيع على وثائق تنبذ الحجاب.
> منع مكبرات الصوت في المساجد.
> منع صوت الأذان.
> ومنع الصلاة في المساجد إلا ببطاقة ممغنطة تكشف هوية صاحبها على أبواب المساجد.
> منع مدارس تحفيظ القرآن الكريم ومنع تدريس التربية الإسلامية في كل أسلاك التعليم.
> منع التونسيين من الذهاب إلى الحج.
> منع أذان الفجر بجوار المناطق السياحية والفنادق حفاظا على راحة السياح… والقائمة طويلة….
لابد لليل أن ينجلي : صدق أو لا تصدق!!
من كان يصدق أن الذي حارب الدين وشعائره!
من كان يصدق أن الذي منع الأذان وتتبع المصلين وعرى نساء بلده قسراً!
من كان يصدق أن الذي منع أبناء شعبه من حج بيت الله الحرام!
من كان يصدق أن الذي ضيق على المسلمين وأثقل كاهلهم بأوامره الظالمة التي لا تخدم إلا أسياده من أعداء الأمة!
من كان يصدق أن الذي فعل كل هذه الجرائم ضد شعبه لإرضاء أسياده يمكن أن يبقى معلقاً في السماء ينتظر لحظة فراغ خزان طائرته من الوقود ليهوي في مكان سحيق بعد أن رفضته دول الغرب قاطبة!!
من كان يصدق أن يتحول زين العابدين إلى “زين الهاربين”؟ قال الله تعالى : {أرايت الذي ينهى عبداً اذا صلى أرايت إن كان على الهدى أو امر بالتقوى أرايت إن كذب وتولى ألم يعلم بأن الله يرى كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية ناصية كاذبة خاطئة فليدع ناديهُ سندع الزبانية كلا لا تطعه واسجد واقترب}.
نعم : {كلا لا تطعه واسجد واقترب}
فهاهم المسلمون في تونس يؤدون الصلاة جهاراً بلا بطاقة ممغنطة وبلا قيود وبلا قمع وبلا خوف.
وها هو الأذان يرتفع بلا حواجز.
وها هي القناة التونسية الرسمية توقف البث من أجل إذاعة الأذان الذي لم يبث فيها منذ عقود!!
وها هن النساء المحجبات قد خرجن في هدوء إلى الصلاة في المسجد محجبات مستورات عفيفات.
وها هم الرجال والشبان والشيوخ على قدم المساواة يصطفون خلف الإمام في المساجد وخارجها.
لكن الطريف في هذه الحادثة أن العالم كله رفض استقبال “زين الهاربين” ولكن الكعبة المشرفة التي منع شعبه من التوجه إليها من خلال منعهم من الصلاة والحج إليها لأداء ما افترضه الله تعالى عليهم هي التي آوته وأمنته من خوف إلى الآن.
اللهم لا شماتة {قل اللهم مالك الملك توتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير}.
عبد الحميد الرازي