الفرق بين الغضب لله والغضب للمصلحة
روي أن رجلاً عابداً بلغه أن قوماً يعبدون شجرة فخرج لقطعها، فقال له إبليس: إن قطعتها عبدوا غيرها فارجع إلى عبادتك. فقال: لا بد من قطعها. فقاتله فصرعه العابد. فقال الشيطان: أنت رجل فقير فارجع إلى عبادتك وأجعل لك دينارين تحت رأسك كل ليلة ولو شاء الله لأرسل رسولاً يقطعها وما عليك إذا لم تعبدها أنت. قال نعم. فلما أصبح وجد دينارين. وفي ثاني يوم لم يجد شيئا، فخرج لقطعها، فصرعه إبليس. فقال له العابد: كيف غلبتك أولاً ثم غلبتني ثانياً؟ فقال لأن غضبك أولاً كان لله وثانياً للدينارين.
> إحياء علوم الدين للغزالي
بحوث ميدانية عند الأسلاف تضبط محيط الأرض وقطرها ضبطا قريبا مما ضبطه المعاصرون وزعم أصحاب الهيئة أن قطر الأرض سبعة آلاف وأربعمائة وأربعة عشر ميلاً، وأن دورها عشرون ألف ميل وأربعمائة ميل.وذلك جميع ما أحاطت به من بر وبحر.
وإنما عُلم ذلك وحُرر من عبد الله المأمون، وذلك أنه لما أشكل عليه ما ذكره المتقدمون من مقدار الأرض بعث جماعة من أهل الخبرة بالحساب والنجوم -منهم علي بن عيسى- إلى برية سنجار. وتفرقوا من هناك. فذهب بعضهم إلى جهة القطب الشمالي، وذهب آخرون إلى جهة القطب الجنوبي،وسار كل منهم في جهته إلى أن وصل غاية ارتفاع الشمس نصف النهار، وقد زال وتغير عن الموضع الذي اجتمعوا فيه وترفقوا منه، مقدار درجة واحدة. وكانوا قد ذرعوا الطريق في ذهابهم، فنصبوا السهام، ووتّدوا الأوتاد، وشدّوا الحبال. ثم رجعوا وامتحنوا الذرع ثانية، فوجدوا مقدار درجة واحدة من السماء سامتت وجه بسيط الأرض ستة وخمسين ميلاً وثلثي ميل. (والميل أربعة آلاف ذراع؛ والذراع ست قبضات؛ والقبضة أربع أصابع؛ والإصبع ست شعيرات، بطون بعضها إلى بعض؛ والشعيرة ست شعيرات من شعر الخيل). فضربت هذه الأميال في جميع درجات الفلك، وهي ثلاثمائة وستون درجة، فخرج من الضرب عشرون ألف ميل وأربعمائة ميل. فحكم بأن ذلك دور الأرض.
> نهاية الأرب في فنون الأدب
تعليق:إذا كانت مسافة الميل عند العرب المسلمين تقدر، حسب غالب التقديرات ب 1,92 كلم فمعنى أن محيط الأرض كما قدره أهل الخبرة في عصر المأمون هو: 20400 1,92 = 39168 كلم. ومن المعلوم أن محيط الأرض عند العلماء المعاصرين عند خط الطول يساوي 40007 كلم. وعلى هذا الأساس يكون قطر الأرض وفق تقدير العرب المسلمين القدماء هو: 14234,88 كلم، وهو عند المعاصرين من الجهة القطبية: 12756 كلم. مما يعني أن إحصاء العرب المسلمين قريب مما توصل إليه المعاصرون، رغم تطور الوسائل عند هؤلاء وضعفها عند أولئك.
أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
قال الثعلبي في سورة النور: قالت عائشة: لما ركبت وأخذ صفوان الزمام، مررنا على المنافقين فقال عبد الله بن أبي ابن سلول لعنه الله: من هذه؟ قالوا عائشة. قال: والله ما سلمت منه ولا سلم منها. فشاع الكلام بين الناس. فقالت امرأة أبي أيوب الأنصاري: ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة؟ فقال لو كنت مكانها أكنت فاعلة ذلك؟ قالت: لا والله! فقال: والله إن عائشة خير منك سبحانك هذا بهتان عظيم… قال القاضي أبو بكر تعلقت الرافضة لعنهم الله على عائشة بقوله تعالى: {وقرن في بيوتكن} بخروجها هي أيام الجمل تقاتل عليا في العراق، وهو مخالف لأمر الله تعالى. وقال علماؤنا: استدلت عائشة لجواز الخروج بقوله تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما}، فهذا أمر عام للذكر والأنثى فهي محقة في الخروج وهم مبطلون في الإنكار عليها.
> نزهة المجالس ومنتخب النفائس للصفوري
خشية الله
خرج عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ومعه أصحابه إلى السفر، فوضعوا سفرة ليأكلوا، فمر عليهم راع فدعاه ابن عمر ليأكل، فقال إني صائم. قال: في مثل هذا الحر وأنت ترعى الغنم؟ قال: أبادر أيامي الخالية. قال فهل لك أن تبيعنا من غنمك؟ قال إنها لمولاي! قال: فما يقول لك مولاك إن قلت أكلها الذئب؟ فولى الراعي وهو يقول: فأين الله فأين الله؟ فما زال ابن عمر يقول: قال الراعي أين الله أين الله، حتى قدم المدينة، فسأل عن الغلام فاشتراه وأعتقه واشترى الغنم ووهبها له وقال أعتقتك كلمتك في الدنيا وأرجو أن تعتقك في الآخرة.
> نزهة المجالس ومنتخب النفائس للصفوري
علم اللغة والنحو ضرورية لكل دارس لعلوم الشريعة
والضرب الثالث المقدمات؛ وهي التي تجري منه مجرى الآلات كعلم اللغة والنحو؛ فإنهما آلة لعلم كتاب الله تعالى وسنة نبيهصلى الله عليه وسلم، وليست اللغة والنحو من العلوم الشرعية في أنفسهما، ولكن يلزم الخوض فيهما بسبب الشرع إذ جاءت هذه الشريعة بلغة العرب، وكل شريعة لا تظهر إلا بلغة فيصير تعلم تلك اللغة آلة. ومن الآلات علم كتابة الخط، إلا أن ذلك ليس ضرورياً إذ كان رسول اللهصلى الله عليه وسلم أمياً. ولو تصور استقلال الحفظ بجميع ما يسمع لاستغنى عن الكتابة، ولكنه صار بحكم العجز في الغالب ضرورياً .
> إحياء علوم الدين للغزالي
تعليق : أين دارسو الشريعة من علوم اللغة في العصر الحاضر؟!
من بلاغات الأعراب
أتى معاوية برجل من جرهم قد أتت عليه الدهور فقال له: أخبرني عما رأيت في سالف عمرك؟ قال: رأيت بين جامع مالاً مفرقاً، ومفرق مالاً مجموعاً، ومن قوى يظلِم، وضعيف يُظلَم، وصغير يكبر، وكبير يهرم، وحي يموت، وجنين يولد، وكلهم بين مسرور بموجود ومحزون بمفقود. قال أعرابي: خرجنا حفاة والشمس في قلة السماء، حيث انتعل كل شيء ظله وما زادنا إلا التوكل، وما مطايانا إلا الأجل، حتى لحقنا القوم. حلف أعرابي على شيء فقيل له: قل إن شاء الله، فخضع نفسه حتى لصق بالأرض ثم قال: إن شاء الله تذهب بالحنث، وترضى الرب، وترغم الشيطان، وتنجح الحاجة.
قال أعرابي لابن عم له: مالك أسرع إلى ما أكره من الماء إلى قراره ولولا ظني بإخائك، لما أسرعت إلى عتابك، فقال الآخر: والله ما أعرف تقصيراً فأقلع، ولا ذنباً فأعتب، ولست أقول لك كذبت، ولا أقر إني أذنبت. وقال أعرابي: شر المال، مالا أنفق منه، وشر الأخوان الخاذل في الشدائد وشر السلطان من أخاف البرىء، وشر البلاد ما ليس فيه خصب وأمن. وقال: سمعت آخر يقول لابنه: صحبة بليد نشأ مع الحكماء، خير من صحبة لبيب نشأ مع الجهال.
قيل لأعرابي: كيف كتمانك السر؟ قال: ما جوفي له إلا قبر. وأسر رجل إلى بعضهم، ثم قال له: أفهمت؟ قال: بل جهلت قال: أحفظت؟ قال: بل نسيت.
> نثر الدر للآبي
من كلام العباد
قيل ليحيى بن معاذ: ما بال أبناء الدنيا يحبون الزاهدين وهم يفرون منهم؟ قال: ذلك كالدباغ يستروح إلى العطار، والعطار يفر من ريحه. وقال ابن أبي الورد: إبليس يقول من ظن أنه نجا مني فبجهله وقع في حبائلي. ومر داود الطائي برطب فقال لبائعه: أنسئني بدرهم لغد. فأبى فتبعه رجل وعرض عليه المال فوجده يقول: يا نفس تريدين الجنة وأنت لا تساوين درهماً؟ وأبى قبول المال، وقال: إنما أردت أن أعرف نفسي قدرها. وقال راهب: ازهد في الدنيا ودع أهلها وكن مثل النحلة، إن أكلت أكلت طيباً وإن أطعمت أطعمت طيباً، وإن وقعت على عودة لم تنكسر. وقالت بعضهم: الحمد لله الذي جعل العبيد بطاعته ملوكاً والملوك بمعصيته عبيداً. وقيل: المحسن في معاده كالغائب يرد إلى أهله مسروراً، والمسيء كالآبق يرد مأسوراً. وقال ابن عباس: كنا نحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يركب الناس الصعب والذلول، فلما ركبوها أقللنا. وقال الحسن: يا ابن آدم تحب الصالحين وتفر من أعمالهم، وتبغض الفجار وأنت منهم. وعن بعضهم أنه قال: ما معي من الصلاح غير حبي لأهله. وقال صلى الله عليه وسلم : المرء مع من أحب.
> محاضرات الأدباء الراغب الإصفهاني
المعلم حل المعضلة
عن أبي الفتح محمد بن أحمد الحريمي قال: كان عندنا بخراسان إنسان قروي فكان له عجل، فدخل داره وأدخل رأسه في جب الماء ليشرب، فبقي رأسه في الجب فجعل يعالج رأسه ليخرجه من الجب فلم يقدر، فاستحضر معلم القرية فقال: قد وقعت واقعة، قال: فما هي؟ فأحضره وأراه العجل فقال: أنا أخلصك أعطني سكيناً. فذبح العجل فوقع رأسه في الجب وأخذ حجراً وكسر الجب، فقال القروي: بارك الله فيك قتلت العجل وكسرت الجب.
حب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما قال الحسن بن علي رضي الله عنهما: نظر النبي إلى أبي بكر وعمر، فقال: إني أحبكما، ومن أحببته أحبه الله، والله أشد حبا لكما مني، وإن الملائكة لتحبكما بحب الله إياكما، أحب الله من أحبكما وأبغض من أبغضكما ووصل من وصلكما وقطع من قطعكما.
> نزهة المجالس ومنتخب النفائس للصفوري
كتابة الأصمعي لعقد تَضَمّن عتْق عبد
قال الأصمعي: كنت بالبادية فجاء بي أعرابي معه عبد أسود فقال: يا حضري، أتكتب؟ قلت: نعم. قال: اُكتب: بسم الله الرحمن الرحيم من عرفجة التغلبي لميمون مولاه، إنك كنت عبد الله فوهبك لي، فرددتك ووهبتك لواهبك للجواز على الصراط، قد كنت أمس لي، وأنت اليوم مثلي ولا سبيل لي عليك إلا سبيل ولاء.
> نثر الدر للآبي طـــرف
مر إسحاق ابن سليمان بن عليّ الهاشمي بقاص وهو يقرأ: “يتجرعه ولا يكاد يسيغه”، فتنفس ثم قال: اللهم اجعلنا ممن يتجرعه ويسيغه.
> عيون الأخبار لابن قتيبة
إعداد : الدكتور عبد الرحيم الرحموني