لا أخفيكم سرا، فأنا من عشاق كرة القدم، ومن متتبعيها، غير أني عزفت عزوفا كبيراً على ولوج ملاعبها والجلوس في مدرجاتها، بل أني حرمت أبنائي من الذهاب إلى الملاعب لتشجيع فريقهم المفضل، والسبب كما تعلمون هو هذه الموجة العاتية من العنف المتنامي داخل الملاعب من قبل جمهور هو أبعد ما يكون عن أخلاقيات الرياضة… وهذه حالات من الهوس الذي ابتليت به رياضتنا وهي غيض من فيض كما ترويها قصاصات الصحف :
-إ يقاف مضرمي النار بملعب محمد الخامس بالدار البيضاء.
-تعرض اللاعب الفلاني لحجر طائش من المدرجات.
-تقديم محدثي الشغب إلى المحاكمة بملعب الحارثي بمراكش.
-تعرض 15 حافلة للكسر عقب مباراة… من قبل قاصرين!!
-مقتل طفل في موجة عنف وجرح آخرين جراء مشاحنات بين جمهور فريقي كذا وكذا…
-تعرض الحكم الفلاني لاعتداء من قبل جمهور… المحتجعلى ضربة جزاء أعلنها هذا الحكم ضد فريق… وهلم جرا…
لكي يعود للكرة المغربية وهجها وتألقها لابد من إعادة النظر في أخلاقياتنا الرياضية، فالرياضة رسالة تربوية وحضارية تمكننا من التعريف ببلدنا في المحافل الدولية، وتجلب الاحترام للمغرب كما جلبه الرواد الأوائل أمثال : فرس والتيمومي والزاكي وغيرهم، لقد كا نوا مثالا يحتذى في الأخلاق وكنا نحن جمهور ذلك الزمان الجميل مثالا في الروح الرياضية، وكم مرة صفقنا للفريق الخصم اعترافا منا بجدارته ونديته… إن هذا العنف المجاني الذي أصبح يشكل إزعاجا حقيقيا للمواطن وللسلطة والمجتمع عموماً لا يمكن أن يكون وراءه أناس أسوياء، فالذي يضرم النار ويكسر السيارات والحافلات سواء أكان فريقه منتصرا أو منهزما، إنما ينفس عن عقد دفينة بداخله فالخواء الروحي والقصور التربوي والبطالة كلها أسباب داعية إلى الانفلات الأمني، وقبل أن تفكر في جمهوررياضي، لابد من شحن هذا الجمهور بالقيم الجميلة التي يوفرها لنا ديننا الحنيف فقيم المحبة، وحسن الخلق والتسامح وتقبل الهزيمة أو النصر بما يستحقانه من رزانة وأناة، هو الكفيل بتجنيب ملاعبنا ظاهرة العنف وعدم تحويلها من ميادين للمنافسة الشريفة، إلى مجازر تراق فيها الدماء وتلمع فيها السكاكين من غير حق ولا مو جب.
ذ. أحمد الأشهب