قال الله تعالى : {اتْل ما أوحِي إليك من الكتاب وأقِم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذِكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون}(العنكبوت : 45).
مـحـل الإعـجـاز
الاستجابات الفسيولوجية التي تحدثها الصلاة وأثرها الوقائي والعلاجي في النهي عن الفحشاء والمنكر.
مـقـدمـة
إن الصلاة ركن الدين الحصين وعموده المتين، هي صلة العبد بربه، ومفزعه في شدته وكربه، أمرنا الله بأن نقيمها حق الإقامة، مطمئنين فيها بالخشوع في السجود وفي الركوع وفي القيام، فرق كبير بين إقامة وأداء فعل في الصلاة بلا خشوع يدني النفس من رب الأنام، فوعد ربي بالفلاح شرطه مدح الخشوع بقوله : {الذين هُم في صلاتهم خاشِعون}(المومنين : 2) ووعيده لمن سها قصراً بالويل : {فويْل للمُصلين الذِين هم عن صلاتِهم ساهُون الذِين هم يُراؤون}(الماعون : 4، 6).
صارت الصلاة لضياع حقها من شرط الإقامة واهية المعالم في النفوس فاستقل بها البعض معرضاً عنها، وأقامها آخرون إقامة لا تقوم بحقها، مع إساءة في أعمالهم، فصاروا حملاً عليها بسوء أفعالهم، والتزمها آخرون بحقها فأنعم بهم يوم ينادون {ادْخُلُو الجنّة بما كُنتم تعمَلُون}(النحل : 32).
ومن هنا أصبح التساؤل ما هي الآلية في قول الله بكون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وفي هذا يذكر الجلالان في تفسيرهما أن من شأن الصلاة النهي عن الفحشاء والمنكر مادام المرء فيها، ويشير ابن كثير أن الصلاة تشتمل على ترك الفواحش والمنكرات بالمواظبة عليها مما يثمر عن ترك الفواحش والمنكرات، وقد جاء في الحديث من رواية عمران وابن عباس مرفوعاً : >من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، لم تزده من الله إلا بعدا<.
كما يشير السعدي إلى أن وجه الصلاة بكونها تنهى عن الفحشاء والمنكر، أن العبد المقيم لها، المتمم لأركانها وشروطها وخشوعها، يستنير قلبه، ويتطهر فؤاده، ويزداد إيمانه، و تقوى رغبته في الخير، وتقل أو تعدم رغبته في الشر، فبالضرورة، مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه، تنهى عن الفحشاء والمنكر.
ويهدف البحث لفهم التغيرات الفسيولوجية اللاحقة للصلاة وأثرها في النهي عن الفحشاء والمنكر من خلال تأثير أفعال الصلاة المختلفة على تغيرات الموجات الدماغية.
والسؤال : هل تؤدي الصلاة الخاشعة إلى تغيرات في الموجات الدماغية ذات أثر في النهي عن الفحشاء والمنكر؟
مصطلحات البحث
> الصلاة : أقوال وأفعال يقصد بها تعظيم الله وتعبده، تؤدى بشروط خاصة تفتتح بالتكبير وتختتم بالتسليم.
> التغذية الراجعة : فيها يستخدم مجموعة إشارات عصبية وسمعية للتحكم في المظاهر الوظيفية اللاإرادية مثل (معدل النبض -الضغط -الدم -حرارة الجسم).
> التغذية الراجعة العصبية Neurofeedback: عبارة عن تدريب مباشر لوظائف الدماغ، بواسطة ما يتعلمه المخ ليعمل بكفاءة وفاعلية أكثر، فالتغذية الراجعة العصبية تدريب في التنظيم الذاتي، فالتنظيم الذاتي جزء هام لوظائف المخ، ويؤدي التنظيم الذاتي لتحسن وظائف الجهاز العصبي المركزي (27).
> الموجة ألفا Alpha (9Hz- 13Hz): موجة كهربائية بطيئة نسبياً ترددها (9 -13) هرتز/ثانية وسعتها (30- 50) ما يكروفولت وسرعتها (15- 20) ملم/ثانية، تظهر في الفص القفوي والقشري من الدماغ ولا تظهر في الجبهي. وهي تعكس حالة الراحة ويبلغ معدل استمرارها (0.5- 3) ثانية ذات كهربائية متتالية وتناقص في السعة، تظهر في حالات التأمل والاسترخاء لتمرينات التنفس (الزن، اليوجا، تشيقونغ..إلخ)، النشاط العقلي العام، بداية النعاس، الذكر بترديد أذكار خاصة.
> الموجة ثيتا Theta (4hz- 8Hz): الموجة ثيتا هي موجة كهربائية بطيئة نسبياً ترددها (4- 8) هرتز/ثانية، ومعدل سعتها 50 ما يكروفولت ذات سعة عالية، وتظهر في قشرة المخ في الفصوص الجدارية والصدعية ولها علاقة بالحالة العاطفية وتظهر في حالات حالة النعاس، أحلام النوم، الإيحاء، التبصر وحل المشاكل، صفاء التخيل، التأمل العميق.
الـمـنــاقـشــة
تحدث تغيرات فسيولوجية نتيجة خشوع الإنسان في الصلاة، ابتداء من توحيد النشاط الدماغي لجميع المصلين وجمعه على نشاط دماغي واحد حيث وجد باحثوا شركة إنتل عن دراستهم لنشاط الدماغ بالتصوير بجهاز الرنين المغناطيسي أن النشاط الدماغي يتشابه لدى الناس عند سماع أو رؤية شيء محدد، فهم يصدرون نفس النشاط الدماغي عند رؤية صورة للنمر أو مجرد سماع كلمة النمر فيصدرون نفس النشاط الدماغي، وهو ما نراه واضح الدلالة عند الإتيان بأفعال الصلاة ابتداءً بالانتباه أثناء الأذان وترديده ثم بالنية والإحرام والتكبير.
فالموجات الدماغية لها أهميتها الوظيفية في حياة الإنسان حيث يؤكد هنز برجر Hans Berger أن موجات الدماغ الأربعة بيتا Beta، وألفا Alpha، وثيتا Theta، ودلتا Delta، مفيدون لأشياء ووظائف مختلفة للإنسان، ولكن تحدث المشكلة إذا لم نستطع أن نغير نوعية الموجة الدماغية التي نحتاجها في وظيفة ما. فعند العوز في إحدى تلك الموجات الدماغية على سبيل المثال الموجة ألفا تقع ضحية للقلق والأمراض المرتبطة بزيادة الضغوط، حيث تؤدي الضغوط والقلق إلى ضعف نظام المناعة لدينا، لذا تقترن قوة الجهاز المناعي بتوافر الموجة ألفا والتي يقترن معها نقص القلق.
وفي سبيل تعزيز إنتاج هذه الموجات أثناء الصلاة نجد حدوث تغير على مستوى الموجات الدماغية حيث يشير ويزلي Wesley (2009م) إلى أن الصلاة بكل تأكيد من أيسر الطرق للدخول في الحالة ألفا وثيتا، فالصلاة والتأمل من أهم طرق تعزيز الصحة والوقاية والعلاج من الأمراض البدنية، والعقلية، كما يؤكد كيث Keith (1958م) أن الصلاة والتأمل يؤثران في استثارة إنتاج الموجات ألفا وثيتا حيث يتغير معدل التنفس ليصبح أكثر عمقاً وتنخفض ضربات القلب، وتسترخي العضلات وتتركز العين ويتفق معه في الرأي علاء عليوة (1999م)، حيث أن التأمل ينتج عنه انخفاض في معدل استهلاك الأكسجين بنسبة 10 -20%، وانخفاض في معدل النبض حوالي 3 نبضات في الدقيقة. يشير دورون Doron إلى أن الموجة ألفا Alpha Wave تحدث أثناء الصلاة prayer، الاسترخاء relaxation، التأمل mediration، وتكون أفضل الحالات لها أثناء الصلاة، كما تصدر الموجة ثيتا Theta Wave أثناء الصلاة مضفية عمقاً أكثر. وتزيد في الإبداع والقدرة التعليمية، حيث يؤكد دافيد David (2009م) أن قوة الموجات ثيتا تزداد أثناء الصلاة، والتركيز الداخلي، والتأمل.
وقد استنتج توبايوس Tobias (2004م) زيادة الموجات ألفا وثيتا نتيجة التدريب الخارجي مع زيادة نشاط الموجة ثيتا عبر عشرة جلسات كما استنتج جون بوتمان John Putman (2000م) أن التدريب بعيون مفتوحة يزيد من نشاط الموجة ألفا، كما يشير وولف جانج Wolfgang (1999م) إلى وجود علاقة لتذبذب الموجات ألفا وثيتا تنعكس على أداء الإدراك والذاكرة، فالتغير في نشاط الدماغ يرتبط بحدوث تغيرات للرسم الكهربي (EMG) electromyographie وتغير في درجة حرارة الجلد.
يذكر الطبري في قوله تعالى {وأقم الصلاة} أن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته وإقامة الصلاة أداؤها في أوقاتها بقراءتها وركوعها وسجودها وقعودها وتشهدها وجميع شروطها، وترجع أهمية إقامة الصلاة وتكرار أداء الصلاة بمواعيد منتظمة في النظام الإسلامي إلى دوام المحافظة على مرونة واتزان الموجات الدماغية، فهي لا تستمر على مدار اليوم بنفس النسبة المطلوبة لتحقيق وظائفها، مما يحقق إقامة الصلاة كما ينبغي أن تقام، حيث يؤكد هنز برجر Hans Berger على أن الموجات ألفا تظهر وتختفي وأنها غير مستمرة الوجود، فعلى سبيل المثال لا يوجد ظهور للموجة ألفا أثناء النوم العميق، وكذلك عند استثارة الشخص كما في الخوف أو الغضب، حيث لا توجد الموجة ألفا.
ويأتي النظام اللفظي في الصلاة باشتماله على آليات تزيد من مرونة وكفاءة عمل هذه الموجات، حيث نجد الترتيل وما يصنعه من ضبط في عملية التنفس حيث يؤدي التنفس العميق لتخفيض حالة الموجات الدماغية بالعقل الباطن، كما يشير نيوبرج Newberg على أن الصلاة اللفظية تؤدي لاستخدام أجزاء أخرى من المخ مع تنبيه منطقة الانتباه بالمخ، وتعد الصلاة من المنشطات البدنية الهامة المجددة للقوى حيث ترتبط نوعية إنتاج الموجات الدماغية بالحالة البدنية، وهو ما أكده هانز برجر Hans Berger من اقتران نشاط الموجة ألفا مع زيادة النشاط البدني حيث توصل سميعة خليل عن كول (2007) إلى زيادة الموجة الدماغية ألفا قبل ذروة الأداء البدني (غالباً ما تكون بالنصف الأيسر من المخ). يظهر على لاعبي كرة السلة ولاعبي الجولف أن موجات ألفا تبدأ بالزيادة قبل أفضل رمية حرة أما لاعبي الجولف فقد سجلوا أعلى زيادة في هذه الموجات من الفص الأيسر للدماغ عند أداء أفضل ضربة.
إن للصلاة دوراً هاماً في تعزيز الصحة البدنية والنفسية والاجتماعية حيث يشير موري Murry (2008) إلى أن المشاركة في الصلاة واتخاذ مواقف دينية إيجابية يؤدي للرفاهية والصحة و تخفيف الضغوط النفسية، حيث تسهم الصلاة في تخفيف الضغوط النفسية، وتعزيز الصحة والصحة النفسية كما يشير ج. ايرين J.Irene (2010) إلى أن الصلاة تحسن من وظائف استشفاء الإصابات، حيث ترتبط الصلاة الخاشعة بزيادة مستوى الاستشفاء، كما تزيد الترابط الاجتماعي للمريض حيث يؤكد يوري ويرنك Uri Wernik (2009) على الأهمية العظمى للصلاة كفائدة علاجية في توطيد العلاقة بين المريض ومعالجه، وينصح فيفيان Vivienne (2005) القائمين على التعليم بالاهتمام بالصلاة للأطفال لصالح تنشئة الطفل تنشئة روحية سليمة حيث تؤدي الصلاة إلى تعميق وجدان الطفل وتوضيح إحساساته العميقة.
ويأتي دور الصلاة في الصد والنهي عن الفحشاء والمنكر بما توفره من استقرار نفسي وصحي للمسلم إذا أداها بالخشوع، مما يبعث على الاسترخاء والبعد عن القلق والتوتر، فصلاة واحدة من أهم أساليب تخفيف الضغوط وتحقيق الاسترخاء، وفي هذا يشير كلاجنر وآخرون Klajner (1984م) إلى نفس الأثر باستخدام تمرينات التأمل Meditation.
ويعزو كلاجنر وآخرون Klajner السبب في استخدام الإجراءات المسببة للاسترخاء إلى سببين هامين :
> الأول : أن القلق والضغوط تتسبب أو تزيد من التعاطي.
> الثاني : أن تمرينات الاسترخاء فعالة بسبب تخفيضها للقلق وزيادة الإدراك الشعوري والتحكم في حالات الإجهاد.
فالنتائج تشير إلى أن تدريبات تعزيز الموجة ألفا تقلل القلق المزمن بما يظهر من تأثيرها العلاجي الطويل المدة على مستويات القلق، وهو ما يتحقق في أداء الصلاة بخشوع مما يؤدي إلى زيادة الموجات ألفا.
حيث تشير سميعة خليل (2007) أن تدريب الموجة ألفا يمكن من السيطرة على الإنتاج والتحكم بالموجات الدماغية وأيضاً يمكن الاستدلال خلال تدريب الدماغ في الكشف عن أسباب الإجهاد ونسبة إسهام الأفكار والسلوك، وبتعزيز إنتاج الصلاة للموجات الدماغية تتحقق الوقاية من الوقوع في مسببات اللجوء إلى المنكرات، وفي هذا الصدد يشير باسني Passini وآخرون (1977) إلى استخدام الموجة ألفا في معالجة إدمان الكحوليات، وذلك لما سجله بولوك وفولافكا وآخرون Volavka Pollock (1983) من انخفاض وعوز في إيقاع الموجة ألفا لمدمني الكحول، حيث يرى كل من جونز وهولمز Jonnes &Holmes (1976) أنه بإمكان مدمني الخمور الإقلال من معدل معاقرة الخمر إذا تعلموا كيف ينتجون المزيد من الموجات ألفا، وهو ما نراه محققاً من المداومة على الصلوات في أوقاتها.
وفي معرفة تأثير إنتاج الموجات الدماغية ألفا وثيتا على متعاطي الكحوليات قام كل من بنستون وكالكوسكي Peniston/Kulkosky (1989) بتجربة نظام التغذية الراجعة العصبية للموجات ألفا وثيتا على عينة من متعاطي الكحوليات، واشتملت التجربة على ثلاث مجموعات، الأولى من متعاطي الكحول وتتلقى طريقة بنستون وكالكوسكي العلاجية للتغذية الراجعة العصبية للموجات الدماغية Brainwave neuron feedback therapy (PKBWNT)، الثانية تلقت العلاج النفسي التقليدي، الثالثة مجموعة ضابطة من غير متعاطي الحكوليات.
تم أخذ التاريخ الطبي للحالات مع عمل التقييم النفسي قبل وبعد المعالجة، كما تم إجراء اختبارات لخصائص تخطيط الدماغ الكهربية EFG والنشاط المناعي لمستويات البيتا اندروفين بمصل الدم، وقد أظهرت هذه التجربة زيادة في النسبة المئوية للموجات ألفا وثيتا في تخطيط الدماغ الكهربي للمجموعة الخاضعة لطريقة بنستون/كالكوسكي لصالح بعد المعالجة بالمقارنة بالقياس القبلي للمعالجة، في حين لم تشهد المجموعة الضابطة زيادة مماثلة.
وبزيادة الموجة ثيتا ربما تصنع صفاء في الرؤية (حيث تدريب التصور جزء من البرنامج التدريبي يناقش بعد كل وحدة تدريبية) وتيسير التقدم، واستنتجوا أن تدريب الموجة ألفا ربما يعزز من حا لة الاسترخاء وتؤدي لإدراك أفضل وتحكم في الضغوط، مما يؤدي لنقص حدوث الضغوط المرتبطة بمعاقرة الخمور أو الضغوط التي تزيد الشهوات أثناء مرحلة الاستشفاء. ولقد أظهرت المجموعة التجريبية انخفاضاً شديداً في الاكتئاب وتعزيز الامتناع عن التعاطي بصورة ظاهرة عن مجموعة العلاج النفسي التقليدي بمعدل 2: 10 عن العلاج ا لنفسي 8: 10 وذلك في القياس التتبعي بعد 36 شهر من الدراسة.
ولقد أظهرت مجموعة العلاج التقليدي ارتفاعاً لمستوى البيتا إندُورْفين beta-endorphins بمصل الدم بعد المعالجة مقارنة بمستواهم قبل المعالجة (بيتا اندروفين هرمون مرتبط بالضغوط البدنية والانفعالية، وتؤدي المعالجة الفعالة لتوازن مستواه بالدم)، وهذا الارتفاع يدل على تعرض هذه المجموعة لضغوط الإقلاع عن الكحوليات، والخوف من الانتكاس مرة أخرى، في حين لم تظهر المجموعة التجريبية زيادة في هذا الهرمون بل أظهرت اتزاناً في مستواه بالدم.
نرى مما سبق أن نظام الصلاة بما فيها من تنظيم لوضع الجسم وتفكر وتنظيم للتنفس بالتلاوة وذكر الله بالتسبيح يعمل على تحرير الموجات الدماغية المفيدة ألفا وثيتا بما يحقق حالة من التوازن الصحي والنفسي والبدني مما يحول دون الوقوع في المنكرات، وعند الاستمرار فيها بالخشوع الكامل تعمل على سرعة الرجوع والتوبة عن هذه المنكرات. إن تأثير ذكر الله الذي يتم ترديده في الصلاة وخارج الصلاة يزيد من معدل إنتاج الموجة ألفا، وفي هذا الصدد يشير علاء عليوة (1999) إلى أن نشاط الموجة ألفا يزداد في الدماغ بالاعتماد على الا ستمرار في تكرار مجموعة ألفاظ أو كلمات. كما يشير محمد الأطروني (2002) إلى أن ذكر الله ينظم موجات المخ، ويوصل المرء إلى حالة التوازن النفسي دون مهدئات، مشيراً إلى استخدام التسبيح المنتظم كجلسات لمعالجة الإدمان بقوله : (الذي يسبح لن يدمن، والذي أدمن علاجه التسبيح)، حيث يؤدي ذلك لتعديل السلوك البيولوجي للمخ، بواسطة الموجتان (ألفا وثيتا) واللتان نحصل عليهما من خلال التسبيح بواسطة جلستان من التسبيح في اليوم لعلاج الإدمان والوقاية منه، إن المتأمل في نظام ذكر الله بالتسبيح وتداخله مع تنظيم الصلاة يجد نظاماً بعدياً عند موازنة ذلك بأسس التدريب الرياضي، حيث تبنى الوحدة التدريبية على الانتقال التدريجي بين مكوناتها صعوداً وهبوطاً بشدة التدريب، وهو ما نراه محققاً في تسبيح الله حسب التوجيهات القرآنية بالتسبيح أول النهار وآخره، بما يحقق مرحلة انتقالية بين قمة الاسترخاء في الموجة دلتا ثم تدريجياً ثيتا وألفا إلى ذروة النشاط الحياتي في الموجة بيتا، وختام تلك الذروة الحركية خلال اليوم مرة أخرى بالرجوع التدريجي من الموجة بيتا إلى ألفا فثيتا، ثم النوم والموجة دلتا وهكذا، بل والتأكيد على هذا النسق المذهل في تبادل الانتقال بين المراحل الموجية عند حدوث أي تغيرات على الإنسان سواء كانت بالصبر على أذى أو هم، أو قيام من نوم أثناء الليل وهو ما نرى بيانه جلياً فيما يلي من آيات:
{واذكر ربّك كثيراً وسبّح بالعشِيّ والابكار}(آل عمران : 41)، {فسُبحان الله حين تُمسون وحين تُصْبحون}(الروم : 17)، {وسبّحوه بكرة وأصيلا}(الأحزاب : 42)، {لتُومنوا بالله ورسوله، وتعزِّروه وتوقِّروه وتُسبِّحوه بُكرةً وأصيلا}(الفتح : 9)، {فاصبر إنّ وعد الله حقّ واستغْفر لذنْبك وسبّح بحمد ربّك بالعشيّ والابكار}(غافر : 55)، {فاصْبر على ما يقولون وسبّح بحمد ربّك قبْل طُلوع الشمس وقبل الغروب ومن اللّيل فسبّحه وإدبار السجود}(ق : 39- 40)، {واصْبر لحُكم ربّك فإنك بأعيُننا وسبّح بحمد ربّك حين تقوم ومن اللّيل فسبّحه وإدبار النّجوم}(الطور : 49)، {فاصْبر على ما يقولون وسبّح بحمْد ربّك قبل طُلُوع الشّمس وقبل غرُوبها ومن ءاناء اللّيل فسبّح وأطراف النّهار لعلّك ترضى}(طه : 13).
الاسـتـنـتـاجــات
1- تؤدي الصلاة لحدوث تغيرات فسيولوجية على مستوى الموجات الدماغية ذات تأثير إيجابي في الوقاية والعلاج من المنكرات.
2- تؤدي الصلاة إلى توحيد النشاط الدماغي للمصلين.
3- تؤدي الصلاة الخاشعة إلى تعزيز إنتاج الموجات الدماغية ألفا وثيتا.
4- تؤدي الصلاة بتعزيز إنتاج الموجات الدماغية ألفا وثيتا إلى توازن هرمون البيتااندروفين، مما يدعم في الاستقرار الانفعالي.
5- الصلاة وذكر الله يعوضان الأثر السلبي لغياب الموجة ألفا على الإنسان، بتعزيز إفرازها دورياً.
6- تعمل الصلاة من خلال آلية تعزيز توازن الموجات الدماغية ألفا وثيتا على البعد عن الفواحش والمنكرات كالخمور بتوفير حالة من الصحة البدنية والنفسية للمصلي تنأى به عن تلك المنكرات، بما توفره هذه الموجات من خصائص صحية.
الـتـوصـيـات
1- ضرورة تعليم الصلاة الصحيحة الخاشعة.
2- تنظيم مظاهر الصلاة وذكر الله على مدار اليوم.
3- دعم الصلاة لدى النشء للوقاية من الوقوع في المنكرات.
4- استخدام الصلاة كعلاج للمبتلين بتعاطي المنكرات.
5- إجراء المزيد من البحوث التجريبية في العلاقة الارتباطية بين الصلاة والموجات الدماغية، وذلك لافتقار المكتبة العربية لمثل هذا النوع من الأبحاث في حد علم الباحث.
> أحمد حلمي صالح
ماجستير الإصابات الرياضية والتأهيل البدني
———
المراجع :
> أولاً المصادر العربية :
1- القرآن الكريم.
2- أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي (1999) تفسير القرآن العظيم، دار طيبة للنشر والتوزيع، ط 2، 611- 615.
3- المحلي والسيوطي : تفسير الجلالين، دار الحديث، القاهرة 793.
4- عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (2000) تفسير السعدي، مؤسسة الرسالة، 294، 295.
5- علاء الدين محمد عليوة (1999): الصحة العامة والرياضية، كلية التربية الرياضية للبنين بأبي قير جامعة الإسكندرية، 146، 147.
6- سميعة خليل : نجله رؤوف نافع (2007) : التدريب الرياضي وتكيفات الموجات الدماغية وعلاقتها بالجهاز العصبي الذاتي، الأكاديمية الرياضية العراقية www.iraqacad.org
7- محمد حافظ الأطروني (222) : التسبيح ينتصر على الإدمان www.islaweb.net/ver2/archive/readArt.php id=10356
> ثانيا : المراجع الأجنبية : تنظر في مجلة الاعجاز العلمي ع : 37 ص 31.