إهداء :
إلى روح الأستاذ الفـاضل، د. فريد الأنصاري رحمه الله، الذي جعلنا نرى بأرواحنا مكامن الجمال في ديننا!
كلما استقبل القبلة للصلاة، حدثته نفسه : صلاتك غير مقبولة… فلماذا تصلي؟!
ويتضاعف عذابه وإحساسه بالضياع… ويخاف ألا يسمعه الله، وألا ينظر إليه… إلا الله فإنه لا يتحمل أن يغضب منه، ولو غضب منه العالم بأسره!
طول حياته، كان متدينا، شغوفاً بالتحصيل العلمي… ومن نعم الله عليه أنه برع في إتقان عدة لغات، مما أهّله لوظيفة مرموقة في هيأة عالمية…
فجأة، انقلبت حياته رأساً على عقب… لم تكن الأولى ولا الأخيرة التي تأتي من أوربا للبحث العلمي، تحت إشرافه… قاوم إغراءها كثيراً… وضع أمامها خطوطا حمراء، وضوابط لعلاقتهما…!
لا يدري كيف تردى معها.. لم يعد يقدر على الابتعاد عنها لحظة… ذكّره أصدقاؤه… حذروه… لا جدوى.. وأصبح يسهر معها في الملاهي ويتباهى بذلك، إلا أنه كان يرفض التدخين والخمر رغم إلحاحها!!
فاتحها مرة في الزواج منها فاستهزأت منه… حاول الابتعاد عنها، وَلمْ يستطع… فيهرب إليها بحثاِ عن السعادة… لكنه كان لا يشعر معها إلا بسعادة مؤقتة، سرعان ما تنقلب شقاء وحزنا قاتما!
لجأ إلى صديق له.. يشكوه حاله أثناء الصلاة… فقال له صديقه “احذر، إن الشيطان.. يريدك أن تقطع الصلاة.. ويبعدك عن الله تماما!< بكى بكاء حارا… وقال لصديقه :
- وهل يسمعني الله… هل ينظر إلي؟! إني أستحيي منه كلما وقفت للصلاة؟
- أجل إنه يسمعك، وينظر إليك… ادْعُه وألحّ في الدعاء.. ومادمت تشعر بذلك، فإن الإيمان لم يغادر قلبك…!
منحه كلام صديقه دفعة أمل قوية.. فقرر أن يتوب توبة نصوحا.. مَحا رقم هاتفها وبريدها الإلكتروني من قلبه أولا، ومن هاتفه وحاسوبه..
وكلما فكر فيها، لجأ إلى الصلاة والدعاء… وكان عليه أن يختار : أهي.. أم الحور العين؟! ألله.. أم الشيطان؟! النار.. أم الجنة؟! الرذيلة… أم الطهر والعفاف…؟! وكان يقرن صورتها -في مخيلته- برائحة كريهة مقززة… ويقرن العفة برائحة المسك..!
قاوم نفسه كثيرا… وقاوم إغراء تلك الأجنبية أكثر… فأحس بالسعادة الحقيقية… وأصبح داعية إلى هذا الدين، سيما وأنه يتقن لغات كثيرة، وقد وعى رسالته الحقيقية في هذه الحياة…!
> ذة. نبيلة عـزوزي