بعدما تحدثنا في الحلقتين الأولى والثانية عن أهمية الشباب وعناية الإسلام به وعن رسالة الشباب العظيمة ووظيفته الكبيرة في الحياة والمجتمع وتحدثنا عن التحديات التي تواجهه نختم اليوم بالحديث عن سبل العلاج ووسائل مواجهة هذه التحديات.
سبل العلاج ووسائل مواجهة هذه التحديات :
على المستوى المنهجي يمكننا تقسيم سبل علاج التحديات التي تواجه الشباب المسلم اليوم إلى محورين هما:
المحور الأول : سبل ذاتية خاصة بالشباب:
والمراد بها السبل الخاصة بكل شاب وشابة على حدة، وتشمل العناصر التالية:
أ- الشعور الحقيقي بالمسؤولية الملقاة على عاتقه، وأن هذه المسؤولية فردانية وخاصة يوم القيامة { كل نفس بما كسبت رهينة}(المدثر : 38).
ب- اغتنام مرحلة الشباب لما لها من مميزات في الطاعة والعبادة والتشبث بأحكام الدين والتخلق بأخلاقه ومكارم شريعته، وفي التفقه والتعلم، فالالتزام بالإسلام لا يتم إلا بالعلم، وعبادة الله لا تكون إلا بالعلم، وأقل ذلك ما يعلم من الدين بالضرورة . وكذلك الاشتغال بالأمور النافعة، كالرياضة القاصدة الهادفة، وحضور الأنشطة العلمية والثقافية الجادة، والأعمال الترفيهية المباحة، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : >اغتنم خمسا قبل خمس: -وفيها- شبابك قبل هرمك، وحياتك قبل موتك…<.
ج- التوبة النصوح من الأعمال المحظورة والأخلاق الضارة.
د- العزم الجاد والإخلاص في العودة إلى الله والتمسك بدينه.
هـ- استغلال المناسبات والأوقات الدينية التي تنمي الإيمان والفكر، وتربي النفس وتهذبها، وتربط الشباب بربهم، كالصيام والصلاة الجماعية، وصلاة الجمعة، وقيام الليل وصلاة النافلة والذكر المسنون وقراءة القرآن وتدبره ومدارسته في المجالس القرآنية المخصصة لهذا الغرض.
و- الصحبة الحسنة، “الصديق قبل الطريق” و” الجار قبل الدار”.
ز- الاهتمام بالأولويات الكبرى والواجبات الوقتية، كالدراسة والترقي في مدارج العلم وغير ذلك مما يدخل في ذلك.
ح -وفي الأخير، أن يدرك الشباب المسلم أن لهم رسالة ووظيفة في الحياة، تجاه الذات والأسرة و المجتمع و الدولة والأمة . وأداء تلك الرسالة لا يكون على أحسن ما يرام إلا إذا كان الشاب عضوا صالحا مصلحا قويا فاعلا مؤثراً، مستغلا لوقته منظما لأموره الخاصة والعامة، صادقا في ذلك مخلصا لله تعالى فيه.
المحور الثاني : سبل تتعلق بالجهات المسؤولة على الشباب :
من أهم سبل العلاج التي ينبغي الأخذ بها وتفعيلها السبل التالية :
1- دور الأسرة في رعاية الشباب وتربيته وحمايته :
ويلخص هذا الدور فيما يلي :
أ- توجيهه وتأطيره وتربيته (برنامج أسري).
ب- مراقبته ومتابعته ومحاسبته بالتي هي أحسن.
ج- مناقشة أموره وقضاياه، والتشاور معه في حلها وعدم إهمال رأيه.
د- تكليفه ببعض المسؤوليات المنزلية لتدريبه وتأهيله.
هـ- إعطاؤه القدوة الحسنة في كل شيء في العلم والعبادة والأخلاق والمعاملة.
2- دور المجتمع:
ويتجلى فيما يلي:
أ- يمثل المجتمع البيئة الواسعة التي تظهر فيها القيم والأخلاق والمبادئ والسلوكيات، فالإنسان اجتماعي بطبعه، فالضمير الجماعي له دوره في التربية والتوجيه، فإذا كانت أخلاق وسلوكيات المجتمع حسنة أثرت تلقائيا في الشباب لأن المجتمع قدوة حسنة، لذا قال صلى الله عليه وسلم :>البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس<.
وعلى هذا الأساس فالمجتمع يؤثر بثقافته، وأخلاقه وعاداته وغيرها سلبا أو إيجابا.
3- دور الدولة وواجباتها نحو الشباب:
وتتلخص فيما يلي:
أ- تأهيل مؤسسات التربية والتعليم للقيام برسالتها التربوية. فالمدرسة والجامعة والمعهد وغيرها من مؤسسات التعليم لها دور كبير في إعداد جيل الشباب وتربيته.
وهذا يقتضي أن تكون:
* مناهج التربية والتعليم قويمة وسديدة تجمع بين الأصالة والمعاصرة النافعة.
* أن تهتدي بمنهج الوحي في التربية والتعليم.
* أن تكون هادفة وبناءة لتخرج الشاب المؤمن القوي علما وعملا ..
ب- تأهيل مؤسسات الإعلام الرسمية وغيرها، مقروءة ومسموعة ومرئية للقيام برسالتها في التربية والتوجيه والتثقيف.
ج- إيجاد محاضن نظيفة يأوي إليها الشباب لاستغلال أوقات فراغه فيها، كدور الشباب الجادة والمكتبات المتنوعة والمتخصصة والنوادي الرياضية والثقافية وجمعيات البر والخدمات العامة.
د-إيجاد الأطر والقادة والمسؤولين القدوة والأكفاء في كل مؤسسات الدولة وإدارتها بدءأً بمؤسسات التربية والتعليم، فالمعلم والأستاذ والمدير يجب أن يكونوا جميعا قدوة حسنة للشباب، ويجب أن يكونوا أكفاء حتى يِؤدوا واجبهم على أحسن ما يرام وهكذا في كل دوائر الدولة ومؤسساتها.