إذا لم يكن لك ورد يومي في نافلة من نوافل العبادة فأنت على خطر عظيم!! فإن الأوراد هي الحارس الأمين للفرائض والواجبات تجمل ما كمل منها، وتكمل ما نقص منها، وما هي إلا نوافل يزداد الإنسان بالمواظبة عليها قربا من ربه الكريم. “وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها” وإن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.
والناس في هذا الباب ما بين ظالم لنفسه ومقتصد وسابق بالخيرات، والسابقون بالخيرات منهم من سبقوا في نوافل متعددة، ومنهم من فتح عليه في نافلة معينة، فكم من الناس لهم أوراد قرآنية لا يتخلون عنها بحال، وكم من الناس لهم أوراد في نوافل الصلاة لا يتركونها البتة، وكم وكم… والنماذج من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة، ومن التابعين والعلماء كذلك. ولقد استوقفني حال أحد الأئمة الأعلام لا شك أنك سمعت يوما من ينقل عنه أو يتحدث في مزاياه ومناقبه، إنه الإمام الباقلاني، الإمام العظيم، والفقيه الكبير، الملقب بشيخ أهل السنة، ولسان الأمة، والذي كان متكلما على مذهب أهل السنة والجماعة وأهل الحديث وطريقة أبي الحسن الأشعري فنصر الله به الحق، وأمات الباطل.
هذا الإمام يقول عنه ابن فرحون”كان ورده في كل ليلة عشرين ترويحة، ما تركها في حضر ولا سفر، وكان إذا قضى ورده جعل الدواة أمامه، وكتب خمسا وثلاثين ورقة تصنيفا من حفظه”(1).
عشرون ترويحة كل ليلة في الحضر والسفر!! وبعدها خمس وثلاثون ورقة تكتب تصنيفا من أجل بث العلم في الأمة!! إنهما وردان يتقرب بهما إلى الله تعالى، وأولهما مفتاح للثاني، فما هو وردك أنت في الصلاة أو فيغيرها من نوافل العبادات الأخرى؟
إن كثيرا من الناس اليوم تضيع أوقاتهم أمام شاشات التلفزيون وفي المجالس العامة، وتسرق منهم الأعمار في المقاهي أو جريا وراء أعمال لا تنتهي، ولا تجد لأحدهم وردا يزيد به إيمانه، ويزداد به يقينه، بل قد تجد العكس هو الحاصل.
فيا قومنا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم مائة مرة، وكان يقوم من الليل حتى تتشقق قدماه الشريفتان، وكان وكان صلى الله عليه وسلم… وهو الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
فماذا نحن فاعلون؟؟!
——
1- الديباج المذهب ص 363