صورة مضحكة ومبكية في نفس الآن، يتداولها الشباب المغربي عبر هواتفهم الجوالة المزودة بتقنية >البلوتوت< يتبين من خلالها مستوى الانحطاط التربوي والتعليمي ببلادنا، حيث يقوم أحد الأشخاص بطرح أسئلة بسيطة على أحد التلاميذ، مثل 5+5 كم تساوي، فتكون الإجابة كارثية، وللمزيد من التهكم عُنْوِنَت هذه المهزلة بـ”أذكى طفل في العالم”.. شخصيا عوض أن تضحكني هذه الصورة مثل أغلبية الناس أحسست بمرارة كبيرة على مصير التعليم ببلادنا، فمنذ عقد من الزمن والقائمون على المسألة التعليمية بالمغرب يطرحون البرامج والمخططات غير أن النتائج تكون مخيبة للآمال وسنة بعد سنة تتضح لنا الهاوية السحيقة التي تردى فيها المستوى التعليمي في وطننا، حتى لم يعد بمقدور تلميذ في الإعدادي أن يميز بين الفعل والاسم، وقد حدثني أحد الأطر العليا. ويشغل مفتشا ممتازا بالتعليم الابتدائي، أن المخطط الاستعجالي الذي أُنْفِقَت عليه الملايين، لم يمس تربويا الطفل المتمدرس حتى هذه الساعة، وأن تنزيله اقتصر على توزيع المحافظ، وبعض المساعدات في محاولة لوقف الهدر المدرسي… وفي نفس السياق حدثني أحد المفتشين التربويين أنه اكتشف أثناء ممارسته لمهامه داخل الوسط القروي الذي يشتغل فيه، أن هناك الكثير من تلامذة الصف السادس ابتدائي لا يستطيعون قراءة كلمة، فبالأحرى تركيب جملة مفيدة..
فأين يكمن الخلل إذن؟.. هل في الوزارة الوصية، أم في هيئة التدريس… أم ماذا؟… يبدو أن الجميع مسؤول عن هذه المعضلة التي باتت تؤرقنا، فالوزارة مسؤولة عن إعداد الخطط والمناهج والسهر على تنزيلها، كما أن هيئة التدريس -(الأساتذة والمفتشون والإداريون)- مسؤولة عن تدبير هذا الملف، والاتسام بروح المواطنة وبالضمير المهني للارتقاء بالعملية التربوية، كما أن النقابات التعليمية عليها أن تكون نقابات مواطنة تطالب بحق الشغيلة التعليمية ولا تنسى أن تطالبها بالقيام بواجباتها تجاه فلذات أكبادنا،،، كما أن الأسرة مسؤولة عن تدبير العملية التربوية داخل البيت بالسهر على قيام أبناءها بواجباتهم وكذا التواصل مع المدرسة…
إنها مسؤولية عظيمة سوف نحاسب عليها أمام الله وأمام التاريخ كل حسب موقعه، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.