اعتمد المقال على ما كتبه أحد الإسرائيليين في صحيفة تصدر بفلسطين المحتلة، حيث حاول الكاتب الإسرائيلي إيهام القارئ بأن كتلة شمال إفريقيا لا علاقة لها بالشرق لغة ودينا، مستدلاًّ في ذلك من جهة على ما حدث بين الجزائر ومِصر من تلاسُن أثيرت فيه كل النعرات العصبية، بما في ذلك العصبية العرقية، ومن جهة أخرى على زيارة >وفد من ثمانية عشر بربريا مغربيا من الأساتذة والتربويين خلال أسبوع كامل للمشاركة في مدارسة تربوية في “يَدواشم” بفلسطين المحتلة<(نقلا عن الصحيفة العبرية).
طبعا نحن في عصر يوسم بحرية التعبير والتأويل، فللكاتبين المغربي والإسرائيلي أن يفهما ما يريدان من تأييد المغاربة للفريق الجزائري ضد نظيره المصري.
وكان بإمكاني أنا أيضا أن أمر بما قرأته مرّ الكرام فليس هذا أول مرة أقرأ مقالا من هذا النوع، وفعلا لقد كنت نسيت ما ورد فيه، إلى أن قُدِّر لي أن أستحضر مضمونه مرة أخرى حينما دخلت مقهى على طريق من طرق جبال الأطلس، فوجئت بتجمهر الجالسين حول شاشة التلفزة؛ لقد كانت المقابلة بين غانا ومصر من أجل كأس إفريقيا.
استحضرت المقال من جديد، وقلت في نفسي : >إن كان لمضمون المقال نسبة من المصداقية فإنه دون شك سيكون الجمهور مع فريق غانا ضد مصر، لكن الجمهور كان عكس ذلك تماماً، لقد كان مع الفريق المصري قلبا وقالبا، ورغم أني لست من محبي مباريات كرة القدم كما سبق الذكر، فلقد عزمت على البقاء إلى نهاية المقابلة لأرى تفاعل الجمهور، وفعلا لقد كانت النهاية مبهجة للجمهور بشكل لم أصدق ما شاهدت، إذ كانت فرحة الجمهور عالية بفوز الفريق المصري<.
غادرت المقهى ولم يبق لي من صورة المقال إلا الخيال، وعجبت من هؤلاء الذين يبنون أمجادهم على الأوهام، ويعتزون بصداقتهم للعدو على حساب الأشقاء، ويحيون إشعال نار >داحس والغبراء< كلما سنحت لهم الفرصة.
إن تأييد المغاربة للفريق الجزائري هو أمر طبيعي، فهم جيراننا وقريبون منا لحما ودَماً، وفي مثل هذه الحال لا يؤبه للجانب السياسي -كما ذكر الكاتب الإسرائيلي نفسه- لكن حينما كانت المقابلة بين مصر، اعتبر المغاربة -ومنهم من يدعي صاحب المقال أنه ينطق باسمهم- أن مصر أقرب رحما ولحما ودماً ومن الناحية المنطقية تقول : لو أن المقابلة كانت بين المغرب والجزائر، أو كان المغرب والجزائر فيها طرفين من سيؤيد المغاربة؟ الجواب واضح، فالمنطق الطبيعي يدفعنا دائما إلى أن نكون إلى من هو أقرب منا، حتى ولو كان اللاعبون فُرقا تنتمي إلى الوطن الواحد.
ولكنها عقلية “داحس والغبراء” التي تريد طمس الرُّؤية على الناظرين.