… إن المتتبع لأطوار انتخابات رؤساء المجالس البلدية والقروية هذه الأيام ليُصاب بالدوران والغثيان المفضيان إلى الإحباط وفقدان الأمل في مصداقية الأحزاب عندنا، هذا إن بقيت لهم مزقة مصداقية أصلاً؟.
فقد تحول الأمر كله إلى عبارة عن سوق نخاسة حقيقي يباع الناس فيه ويشترون ويُختطفون عن سبق إصرار وترصد حتى يتم تفويتهم لمن يدفع أكثر..
فتقرأ اليوم في الجرائد أن الحزب الفلاني تحالف مع الحزب الفلاني ووقّعا معا ميثاق شرف، وقبل أن يجف مداد هذا الميثاق يطير الشرف، وتنفصم عرى الوثيقة لأن الحزبين تخاصما فتحالف كل واحد منهما مع حزب آخر؛ فالمعطيات السوقية تغيرت ومعها ارتفعت الأثمان واشتدّ الرهان.
وتقرأ في صحيفة أخرى أن زيداً من الأشخاص “هرّب” مجموعة من الممثلين بملئ إرادتهم فباعهم بالتقسيط أو جماعة لعمرٍ، لأن عمراً زايد على المختطفين فحصل على الصفقة وقد يفوتها لجهة ثالثة أو رابعة بحسب قانون العرض والطلب وأمزجة المشتري أو المشترى له…
أما ثالثة الأثافي فهي عندما تكتشف أن الشخص الذي اخترت أن تصوت عليه لأنه يمثل حزبك المفضل، قد قلب بدلته (وقْلبْ عليك) وباع نفسه لحزب آخر مناقض تماماً للحزب الذي صوّتَ عليه، فتصاب وقتها -مثلك مثل آلاف الناخبين السذج- بأنه قد ضُِحك عليك وتمت المتاجرة بصوتك ومع ذلك تجد دائما من يُقنعك دون ملل أو كلل بأن “صوتك أمانة” و”التصويت واجب وطني فلا تتخلى عنه”.
فبالله عليكم كيف يُنتظر من ممثلين من هذه الطبقة أن يدافعوا عن حقوق ويقوموا بخدمة من استأمنهم على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم وبلادهم بأن أعطاهم صوته فإذا بهم يتاجرون في هذه الأصوات في سوق نخاسة انعدمت فيه كل القيم والمعايير الأخلاقية التي عرفناها وتربينا عليها..
لقد فهم سياسيو آخر الزمان عندنا أن المناصب مغانم يسيل لرؤيتها اللعاب وكراسي تشرئب لها الأعناق ولذا تراهم يلهثون وراءها، ويريقون من أجلها ماء وجوههم إن بقي في وجوههم ماء!
إن المسؤولية ياسادة : مغرم وليست معنماً، وإنها والله أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة لمن خانها وفوز ونجاح لمن صانها وحفضها… وكل انتخاب وأنتم….
ذ. عبد القادر الوكيلي