امتحان نهاية السنة الدراسية وخاصة الباكالوريا ضمت العديد من الأسرار التي لا تخفى على متتبعي الأخبار، بل إن بعضها كان يشاهد بالعين المجردة دون أي حاجة لأي وسيلة أخرى، وفيما يلي بعض هذه الأسرار التي لا تذاع لأول مرة، لأنها تتكرر في كل سنة، وإن كان حجمها في هذه السنة أبرز وأظهر :
> حدثني أحد المشرفين المتتبعين لمركز من مراكز الامتحانات، أنه قام بتتبع لحالات الغش المسجلة طيلة الأيام الثلاثة، فكانت النتيجة ما يلي :
319 مرشحا.
299 حالة غش.
20 حالة لم يسجل عنها أي شيء.
> بجانب مركز من المراكز مما لاحظه أكثر من شخص كانت هناك حركات حثيثة للعديد من الشبان، الذين كانوا يشغلون هواتفهم المحمولة دون توقف طيلة أيام الامتحانات.
> مركز كبير لشركة اتصالات هاتفية كبيرة يقول مديرها إن مبيعات الهاتف المحمول تسجل ارتفاعا كبيراً كل سنة كلما حل موعد الامتحانات بالباكالوريا.
> في أكثر من مركز من مراكز الامتحانات تم انتزاع العديد من الهواتف المحمولة للعديد من التلاميذ، ومن الطريف أنه تم نزع أكثر من هاتف محمول للعديد من التلاميذ حين وصل العدد إلى ثلاثة لكل واحد.
> في مركز للامتحانات احتج تلميذ على نائب الوزارة حينما سُحب منه هاتفه المحمول بذريعة أنه ملك يستعمله متى شاء، ولا يحق لأي شخص انتزاعه منه ولو في الامتحان.
> تلميذ آخر دخل في جدال مع مراقبين حينما ضبط وهو في حالة غش، فقيل له ألا تستحي؟؟ الدولة تصرف عليك سبعة ملايين من أجْل تكوينك وتعليمك لكي تكون متعلما، وأنت تقوم بهذا العمل الشنيع؟؟ (استغرب التلميذ، هذا القول وقال متعجبا : الدولة تصرف علي سبعة ملايين!!؟؟ صحيح!!؟؟ أعطوني ثلاثة ملايين فقط لأقطع البحر (الحريگ) وخذوا الباقي وليست لدي حاجة في التعلم أو الدراسة.
والقائمة طويلة…
ومن الأكيد أن مثل هذه الأخبار/الأحداث وما شابهها معروف عند الخاص والعام، ويتحدثون بها في المقاهي والشوارع والطرقات…
كما أنه من الأكيد أيضا أن هناك أخباراً أخرى كبيرة تعتبر من الأسرار حقا، ولا تذاع كالأخبار السابقة، لغرابتها وعظمها، ولذلك فهي تحتاج إلى توثيق، لكي تصبح صالحة للتداول.
معنى هذا أن الغش أصبح سيد الموقف، فإما أن تغش وإما أن تهان حينما تخرج نتائج الامتحان. وكم من تلميذ أهين بعد أن صُدِم بنتائج الامتحانات، ذنبه الوحيد أنه لم يغش كما غش الآخرون.. وكم من تلميذ صُدِم قبل ذلك حينما صُدم في قائمة الامتحانات بعد أن شاهد سوقا رائجة للغش دون حسيب أو رقيب حقيقي.
إن غياب أي قانون عملي رادع لحالات الغش، وغياب أي قانون عملي يحمي مراقبي الامتحانات سيجعل العملية التعليمية كلها في مهب الريح، إذ لا يمكن أن نبني أي مستقبل على كاهل ناشئة الجاد المتجتهد فيها غريب، والغاش الكسول فيها سيد فارس، والرقيب المخلص من الأساتذة مهان حقير.
أي مستقبل ننتظره من ناشئة ترى بعين اليقين أن >من غش وجَدَ وحَصَدَ، ومن جدّ واجتهد رَسَب<.
أي إصلاح نبتغيه لهذا التعليم في غياب مصداقية الشواهد وغياب جودة التعليم ومردوديته؟؟!
د. عبد الرحيم بلحاج