.. أجرت قناة “الحياة” الفضائية يوم الإثنين الماضي مقابلة مطولة مع السيدة داليا مجاهد وهي أول مستشارة مسلمة محجبة للرئيس الأمريكي باراك أوباما.
والسيدة داليا مجاهد أبانت خلال اللقاء على مستوى جيد وعال من الفهم الصحيح للدور الذي ينبغي أن تضطلع به الجاليات المسلمة في أمريكا وبلاد الغرب عموما.
والسيدة من أبوين مصريين هاجرا إلى أمريكا لاستكمال دراستهما في الماستر وكان عمرها آنذاك خمس سنوات. درست الهندسة الميكانيكية وتتكلم بلغة عربية سليمة وبطلاقة لا تتوفر لدى العديد من مثقفينا ومسؤولينا والذين لا يملك الواحد منهم أن يعطي استجوابا أو تصريحا واحدا بلغة سليمة بل منهم من لا يستطيع التكلم باللغة العربية أصلا. وإن تكلم تمت ترجمة كلامه بلغة بئيسة.
أما البعض الآخر ما إن تطأ قدماه بلاد الغرب حتى يستعجم لسانه ويبدأ في نطق العربية بلسان أعجمي رطين.
لقد ارتأيت أن أعلق على خبر تعيين أوباما لمستشارة محجبة لثلاثة أمور:
أولها : أن اختيار أوباما لهذه السيدة الفاضلة يحمل في طياته رسالة مفادها أن الاختيار تم على أساس الكفاءة والعلم ولم يتم على شكل الحجاب الذي ترتديه ولا على أساس الدين الذي تنتمي إليه. وهذا عين الصواب وفي ذلك رد لشيء من الاعتبار لآلاف بل ملايين المحجبات اللواتي عانين الأمرين من المضايقات والتحرشات خلال فترة حكم بوش وخاصة بعد أحداث 11 شتنبر المؤلمة.
الأمر الثاني : هو شعوري بالألم يعتصر قلبي وأنا أرى وأسمع ما تعانيه المرأة والفتاة المحجبة في العديد من أوطاننا الإسلامية (يا حسرة) من مضايقات وعنصرية ضيقة. ففي تونس الإسلامية لازالت الفتاة والمرأة المحجبة مضايقة محتقرة ومضطهدة أينما حلت وارتحلت، ممنوعة رسميا من التعليم ومن الشغل وحتى من حقها في التمريض بل وحتى في حقها من ممارسة أعمال حرة.
وقد قرأت منذ مدة أن إحدى السيدات المحجبات مُنعت من دخول المستشفى العام للولادة وطُلب منها نزع الحجاب فأبت واضطروها للولادة على قارعة الطريق أمام بوابة المستشفى. يقع مثل هذا في العديد من الدول الإسلامية وإن كان بشكل غير رسمي.
> ترى ألا يشعر هؤلاء وغيرهم من الذين يحاربون الله بمحاربتهم للحجاب الشرعي وتضييق منافذ الحياة الكريمة على كل مسلمة عفيفة.
> ألا يشعر هؤلاء وغيرهم من المستهزئين والمستهزئات بالحجاب وبالأخلاق الإسلامية من أصحاب جرائد ومجلات الرصيف. والذي أصبح شغل الواحد منهم الاستهزاء والتنذر بالزي الإسلامي الذي ارتضاه الله تعالى للمرأة المسلمة.
> ألا يشعر هؤلاء بالغبن والمسغبة وهم يرون كيف تكرم المحجبة في بلاد غير المسلمين؟! في السويد أكبر الدول الغربية إباحية يسمح لمذيعة أن تظهر على إحدى القنوات لتقديم الأخبار يوميا. وفي بريطانيا يسمح للشرطيات وموظفات الدولة بالاشتغال بحجابهن. ونفس الشيء في كندا وغيرها من الدول الغربية .
وها هو الرئيس أوباما يصفع المنافقين في بلادنا الإسلامية ويعين أول امرأة محجبة كمستشارة.
أما الأمر الثالث والأخير هو كيف أن عقلاء الغرب يختارون الأصلح والأكفأ والأقدر، يستشيرون معه خدمة لبلادهم، ورفاه شعوبهم، يحيطون أنفسهم ببطانة من الكفاءات والخبرات، لا ببطانة من الانتهازيين والفاشلين الإمعة… يزينون لهم الباطل ويحجبون عنهم الحقائق فيوردونهم المهالك فيَضِيعُون ويُضَيّعون الأمة معهم.
فملك مصر على عهد سيدنا يوسف ما إن سمع بيوسف ووثق بكفاءته وحكمته طلب أن يستخلصه لنفسه. أي يكون معينا له في تحمل المسؤولية في ظرف عصيب. فكان اختياره صائبا واجتاز تلك الظروف الصعبة بسلام بفضل سيدنا يوسف وسعة نظره وكفاءته ونظافة يده وإخلاصه…
ذ. عبد القادر الوكيلي