يتخذ أعداء الإسلام ومن سار على دربهم من بني جلدتنا بعض الأحاديث الموضوعة والمنسوبة كذبا وزوراً لرسول الله في محاولة لتشويه صورة الإسلام والنيل من صفائه وطهارته، ولكن علماء الحديث تصدوا لهذه الهجمة ووقفوا في وجه الوضاعين والكذابين حتى تبقى سنة الحبيب المصطفى محفوظة بما حفظ به الذكر الحكيم وهذه وقفة مع بعض الأحاديث المكذوبة والموضوعة.
< >النساء حبائل الشيطان< < >الشباب شعبة من الجنون و النساء حبالة الشيطان<
رواه أبو نعيم عن ابن مسعود والديلمي عن عبد الله بن عامر وعقبة بن عامر في حديث طويل، والتيمي في ترغيبه عن زيد بن خالد الجهني مرفوعا، ولا ينافيه ما جا ء عن سفيان الثوري من قوله يا معشر الشباب عليكم بقيام الليل فإنما الخير في الشباب لكونه محلا للقوة والنشاط(1).
إن المرأة إنسان كرمه الله سبحانه وتعالى في أصل خلقه مثلها مثل الرجل، و ليست بحال من الأحوال شيطانا لأن الشيطان خلق من نار، في حين خلق الإنسان من طين، يقول تعالى : {ما منَعك ألاّ تسْجد إذ اَمرتُك قال أنا خير منه خلقتني من نارٍ وخلقته من طِين}(الأعراف : 11). و تحول الإنسان أيا كان ذكرا أو أنثى إلى شيطان أو وصفنا له بالشيطان إنما هو تعبير عن انحطاطه وتخليه عن إنسانيته وركوبه المعصية، ولا يقتصر الأمر على المرأة في هذا الوصف إن جاز، بل الرجل يشاركها أيضا متى عصى الله تعالى وأمعن في الطغيان، جاء في اللسان (الشيطان : معرف وكل عات متمرد من الجن والإنسان والدواب شيطان) قال جرير : أيّاً ما يدْعونَنِي الشّيطانُ من غَزَل
وهُنّ يهوينني إذا كُنت شيْطانا
وتشيطن الرجل وشيطن إذا صار كالشيطان وفعل فعله(2).
وفي القرآن الكريم جاء قوله تعالى : {شياطين الإنْس والجنّ يوحي بعضُهم إلى بعض زُخْرف القول غروراَ}(الأنعام : 113)، فعن مالك بن دينار قال : >إن شيطان الإنس أشد علي من شيطان الجن، لأني إذا تعوذت بالله ذهب شيطان الجن عني، وشيطان الإنسان يجيئني فيجرني إلى المعاصي عيانا<(3).
يقول يوسف القرضاوي : >فكان من فضل الإسلام أنه كرم المرأة وأكد إنسانيتها وأهليتها للتكليف والمسئوولية والجزاء ودخول الجنة، واعتبرها إنسانا كريما له كل ما للرجل من حقوق إنسانية لأنهما فرعان من شجرة واحدة… فهما متساويان في أصل النشأة، متساويان في الخصائص الإنسانية العامة، متساويان في التكاليف والمسئولية، مستاويان في الجزاء والمصير<(4).
ذة. هاجر بن الطيب
—-
1-العجلوني : كشف الخفاء ومزيل الألباس، 4/2.
2- ابن منظور : لسان الع رب 238/13.
3- الزمخشري : الكشاف، 56/2.
4- يوسف القرضاوي : مركز المرأة في الحياة الإسلامية، ط 1 -1416هـ- 1996م، مكتبة وهبة، القاهرة، ص 9.